علم التسويق واسع ومتشعب، ومن أهم فروع علم التسويق هو التسويق السياسى الذى ينطبق على كل منتج أو مُخرج سياسى، فالمرشح منتج سياسى، وكذلك التشريع أو الحزب أو السمعة السياسية، حتى كل المنتجات السياسية التى تقدم للمواطن بشكل مباشر أو غير مباشر لترفع درجات الرضا لدى المواطن والذى يُطلق عليه المستهلك السياسى بكل الأدوات المتاحة.
لم يكن التسويق السياسى معروفًا فى مصر بالشكل الصحيح وإنما كان الفهم الخاطئ له أنه هو الحملات الانتخابية وما قبل الانتخابات، وهذا شق من أدوات التسويق السياسى والذى يهتم أساسًا بالاستدامة.
هناك أخطاء تمارسها بعض الأحزاب السياسية نتيجة عدم الاهتمام بتطبيق علم التسويق السياسي، منها التركيز فقط على تقديم السلع الغذائية، متناسين الدور الأساسي للحزب بل وتسمع تبريرات غريبة وكأنها حجج لتغطية القصور فى التخطيط الاستراتيجى السياسى الجيد بداخل هذه الأحزاب، ويتناسى الكثير أن هذا الدور دور أصيل للجمعيات والمؤسسات الأهلية، لذلك من الأفضل عمل بروتوكولات تعاون معها لتخفيف الأعباء عن المواطن، والتفرغ لخدمة المواطن فى الشكل اللائق للحزب المتعلق بالسياسة.
لدينا مثال رائع فى تطوير العمل الأهلي، فالتحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى مثال للتحالف الخيرى الذى يهتم بالمواطن مباشرة وحُسن التنظيم وسياسة التركيز على الشرائح المستهدفة، أما الحزب يجب أن يكون له مهام أخرى، لأن الوطن يحتاج إلى كوادر بشرية واعية ومستنيرة واستدامة وجود أفكار خارج الصندوق فى ظل التحديات التى تواجه الوطن ومدى ترجمتها لكل من السلطة التنفيذية والتشريعية، وقد عالج الحوار الوطنى هذه الفجوة وأيضًا أوضح مدى ضعف القدرة الإنتاجية السياسية لبعض الأحزاب.
إن وجود أحزاب سياسية قوية تمارس دورها كأحزاب الدول الرائدة فى التجارب الديمقراطية سيعاون الوطن فى معركتى البناء والبقاء، وأيضًا خلق كوادر وقيادات حتى المستقل أيضًا وخلق حلول وفرص خروج من الأزمات التى تواجه الوطن، كل هذا لن يتحقق إلا من خلال استراتيجيات تسويقية سياسية بمفهومها الصحيح، وليس الإعلام فقط أو الحملات فقط، فالتسويق السياسى هو المايسترو بين كل هؤلاء من خلال التخصصية، ولا ننسى أن أهم عنصر من عناصر العملية التسويقية هو العميل أو المستهلك (المواطن)، وبمعنى أدق رضا المواطن المستدام، وعلينا وضع ألف خط تحت كلمة المستدام… وللحديث بقية.
