د. وليد عتلم يكتب | أكتوبر .. حكاية شعب

0

اختارت إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، شعار “حكاية شعب”، ليكون الشعار الرسمي لاحتفالات مصر والقوات المسلحة بالذكرى الـ 51 لنصر أكتوبر المجيد. وحسنًا فعلت إدارة الشئون المعنوية باختيار شعار “حكاية شعب”؛ فنصر أكتوبر، لم يكن مجرد نصرًا للقوات المسلحة، وعبورًا من الهزيمة للنصر، بل كان نصرًا ملحميًا لكامل الشعب المصري، ولكامل الدول العربية، ولجميع شعوب الجنوب والعالم الثالث في مواجهة قوى الاحتلال والطغيان.
في أكتوبر من كل عام، أعود لرائعة المفكر الوطني الكبير الدكتور جمال حمدان “6 أكتوبر في الاستراتيجية العالمية”، حيث يذكر حمدان في مقدمة كتابه أن “التاريخ سوف يسجل 6 أكتوبر كأخطر وأفعل مثلما هو أعظم وأروع تحول مؤثر في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي المفعم، وبالتالي في تاريخ العرب جميعًا، ومن ثم – دون إفراط في المبالغة – في تاريخ العالم المرئي كله”.
نعم هي “حكاية شعب”، تحمل بشجاعة مرارة النكسة والهزيمة، ولأنه شعب أصيل ووطني، لم يتقبل الهزيمة، رفضها، وقرر الاستعداد لمعركة التحرير بكل تداعياتها، ودفع ثمن النصر والتحرير مقدمًا من معاناة اقتصادية واجتماعية، وهي معاناة لا تقدر مقارنة بتقديم أرواح أبنائه فداءً لهذا النصر، ومحو آثار العدوان والهزيمة من التاريخ والوجدان المصرى والعربى.
ومن أكتوبر 1973 إلى أكتوبر 2024، يستمر الشعب المصري في كتابة حكاية الإرادة والتنمية، في خضم منطقة تموج بالتوترات والتحولات، تعيش أدق اللحظات حساسية وتعقيدًا في ضوء عدوان غاشم، يستتر خلفه مخطط خبيث، لتغيير جيوبولوتيكي كبير، تتغير معه تفاعلات وتوازنات منطقة الشرق الأوسط، إن لم يكن العالم بأكمله، مستقبل الصراع في الشرق الأوسط مع الحرب الأوكرانية إلى جانب نتيجة الانتخابات الأمريكية القادمة، كل ذلك سوف يحسم مستقبل القطبية العالمية، ومن يقود العالم في العقد القادم، هنا أعود مرة أخرى لجمال حمدان، الذي أشار إلى أن “المنطقة هي بارومتر الجيوبولتيكا الكوكبية”. حمدان وكأنه معنا اليوم، يذهب إلى أن “الصراع المحلي، (ويعني هنا الصراع العربي – الإسرائيلي) “يتلبس” إلى أقصى حد مع الصراع العالمي، وبالتالي يُصبح هو نفسه صراع “اختزالي catalyst” ، يختزل كثيرًا من صراعات العالم، ومصالح القوى المختفية وراءها”.
في خضم ذلك كله تظل مصر رابطة مرابطة بوحدة شعبها ونسيجها الوطني. وكما أكد الرئيس السيسي خلال لقائه مع طلاب الأكاديمية العسكرية، أن “حماية الأمن القومي عملية مستمرة بلا كلل أو ملل، وأن تماسك ووحدة الشعب المصري، هما محور الارتكاز والحماية الاستراتيجية للدولة المصرية، والضامن الأساسي للحفاظ على أمن واستقرار الوطن”.
والتاريخ خير دليل، وحدة وتماسك الشعب المصري، كانت الأساس لتجاوز نكسة 1967، وكانت حائط الصد الأول ما بعد 2011، لمنع تفكك الدولة المصرية، ثم السلاح الأكثر نجاعة في مواجهة فاشية الإخوان الدينية، والحافظ على هوية مصر الوطنية في ثورة يونيو 2013 وما بعدها، وحتى الآن. جمال حمدان يقول: “الحرب هي أعظم محدد للتاريخ، بمثل ما أن النصر، هو أروع ملحمة في تاريخ الشعوب”. نعم؛ هكذا كان وسيظل نصر أكتوبر المجيد، أحد أهم الملاحم المصرية في التاريخ الحديث. وسيظل الروح والدافع الرئيسى للشموخ والإرادة المصرية حتى تقوم الساعة. و
كما قال الرئيس السيسي: “إذا كان الجيش المصري استطاع تحقيق النصر وهزيمة إسرائيل في أكتوبر 73، وإلحاق الخسائر الفادحة بها، فهو قادر على أن يفعلها مرة أخرى”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.