ناهد جمال تكتب | بيت لا ينسى أبناءه

0

تلقيت مؤخرًا منشورًا عن إطلاق الاستراتيجية الجديدة لتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، الكيان الذي كان يعتبره زوجي الراحل، الدكتور يوسف شعبان، بيته قبل وفاته. لقد كانت وفاته فاجعة كبرى لنا قبل عامين وتسعة أشهر، وهو في قمة نجاحه وريعان شبابه، تاركًا وراءه أحلامًا كبيرة وأطفالًا صغارًا.
رحل زوجي، وهو في بداية مسيرته المهنية الحافلة، تاركًا ابنتنا آسيا، التي لم تكن قد بلغت العاشرة من عمرها بعد، وابننا زكريا، الذي لم يتجاوز السابعة حينها. هذا الشكر والتكريم لذكراه من التنسيقية، يؤكد أنه ترك أثرًا عميقًا في بيته الثاني، حيث كان يعمل بجد وشغف.
بدأ زوجي في التنسيقية بحماس كبير، عازمًا على أن يكون عضوًا فاعلًا ومؤثرًا، ينقل للآخرين خبراته التي علمته إياها الحياة، ويقدم من قلبه كل ما يملك. لكنه، للأسف، لم يمهله القدر لتحقيق ما كان يحلم به. كان زوجي كنز أسرتنا ومستقبلها، وحين رحل، دفن الكنز معه، تاركًا لنا الأقدار والأسئلة الكثيرة حول مستقبل هذه الأسرة بعد رحيل قائدها.
لكن تلك الأسئلة لم تظل دون إجابة؛ فقد كانت للتنسيقية، استجابة سريعة وفورية. لم تتركنا لحظة واحدة منذ وفاة زوجي، وكانت دائمًا حاضرة لدعمنا كبيتٍ حقيقي وقف بجانبنا في أصعب الأوقات.
منذ اللحظة الأولى لوفاة زوجي وانفطار قلبي، كان بيت التنسيقية حاضرًا لدعمنا بكل أعضائه الكرام. كل عضو وكل نائب كانوا نعم الأصدقاء الأوفياء. البعض كان صديقًا مقربًا لزوجي، والبعض الآخر لم يقابله حتى، لكن الجميع اتفقوا على دعم أسرتنا بكل حب ووفاء. وكأن أسرتنا فقدت قائدها، فسخّر الله لنا مئات الجنود، الذين لا يقبلون أن نسقط أو نواجه أي صعوبة إلا وكانوا بجانبنا، داعمين ومساندين.
لم تمر مناسبة إلا وكان هناك عشرات المهنئين من أبناء التنسيقية، الذين يشعرون أن أبناء يوسف هم أبناؤهم، وأن مستقبلهم هو مسئوليتهم، ليطمئن عليهم وهو في مكانه.
مع إطلاق مبادرة “ابني أديبًا”، التي كانت من أكثر الأحداث تأثيرًا في حياة وشخصية أولاد الدكتور يوسف، أصبحت مقرات التنسيقية بيوتًا حقيقية ومراكز لتنمية مهاراتهم. هناك، تعلموا التعبير عن مشاعرهم، والشعور بالفخر بأبيهم، وأنهم الحصاد الحقيقي لما كان يزرعه في حياته. أدركوا أن تعبه لم يذهب سُدى، بل كان يغرس في أرض التنسيقية الخصبة.
في تلك الأجواء، اكتسب أولادي مهارات الكتابة الأدبية، وصناعة أفلام الكرتون، والرسم، والتمثيل. وفوق كل ذلك، تعلّموا أنهم مميزون، ولهم مستقبل عظيم. كان أحد المشاهد المميزة عندما طلبت مدرسة من آسيا، أن تعلم زملاءها ما تعلمته في تصميم أفلام الكرتون. لم تتردد التنسيقية، بل نسقت فورًا مع المدرسة ودعمت آسيا باعتبارها “أصغر مدربة جرافيك في مصر”. هذا الموقف أبكاني فرحًا، وجعلني أشعر بفخر يوسف، وهو ينظر إلينا من مكانه.
رغم كل ذلك الدعم العظيم، كانت الأيام الماضية صعبة، تمر ببطء مع كل يوم يكبر فيه أبنائي وتزداد تحدياتهم. في كل لحظة يحتاجون فيها إلى بيتهم الكبير، “التنسيقية”، كنت أرى الأثر المستمر لهذا الكيان. رغم الانشغالات الكثيرة والضغوط لإطلاق الاستراتيجية الجديدة، لم ينسَ أبناء التنسيقية شكر وذكر أخيهم الراحل.
عندما رأيت صورة شكر زوجي العزيز في جو من الدعم والتكريم، شعرت بدموع تملأ عيني، وجسدي يقشعر فرحًا وامتنانًا. كان زوجي صادقًا حين قال دائمًا: “التنسيقية هي بيتي”.
لروحه كل السلام والراحة، فهناك من يكملون مسيرته، ليس فقط داخل الكيان، بل أيضًا في أحلامه ومستقبل أبنائه. شكرًا لكم جميعًا، فقد أسعدتم قلوبنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.