محمود القط يكتب | من “فرق تسد” إلى “فتت تسد”

0

منذ اندلاع ثورات ما تم تسميته بالربيع العربي، يعيش الشرق الأوسط عموما والوطن العربي خاصة، سنوات من افتعال الأزمات والصراعات، التى لا طائل منها سوى زعزعة الاستقرار، ونهب الثروات.
فالدول التى قامت بها الثورات بأهداف نبيلة من الشباب في ذلك الوقت، اكتشفوا أنهم وقعوا في خديعة أكبر من أحلامهم وطموحاتهم النبيلة، لأن الدول الملهمة لهم، لتكون أوطانهم على نهجها في الحرية والديموقراطية، اكتشفوا أنها كانت خدعة كبرى، فهى مع أول اختبار لإنسانيتها أمام مصالحها انهارت فيه كل قيم ومعاني الإنسانية.
أما الدول، التى لم تستجب لنداءات وثورات الشعوب، فظهر فيها الحل البديل، ألا وهو التنظيمات الإرهابية بأسماء متعددة، منها على سبيل المثال داعش، التى لم تبق داعش فقط، بل هناك داعش خراسان على حدود إيران وأفغانستان، وداعش أفريقيا، أما داعش العراق والشام، فأصبحت جبهة النصرة وأنصار الشام وغيرها من عشرات المسميات، التى تشمل معظم جنسيات العالم ماعدا جنسية واحدة.
لتأتي تساؤلات، تحتاج وعيا وانتباها شديدا قبل الاجابة علنها.
ما هو الهدف بعد تعدد هذه الألوية وتأجيجها بالسلاح والعتاد وتجييشها في مناطق معينة، لتكون جاهزة للانطلاق في الوقت المناسب.
من المستفيد من هدم الأوطان الراسخة ذات الحضارة والتاريخ العريق بالذات.
ما حال مصر لو لا قدر الله، لم تكن القوات المسلحة المصرية، مؤسسة وطنية مصرية ذات عقيدة وطنية وفكر استراتيجي رؤيته سابقة وسباقة، تستطيع أن تسبق بخطوة، بل بخطوات ما يحاك لمصر من مؤامرات؟
إن الاسئلة، لم تعد بلا إجابات، لكنها أيضا لا تزال تحتاج مواطنا واعيا قادرا أن تكون لديه القدرة للانتباه الشديد لما يحاك به من مؤامرات.
فنظرية المؤامرة لم تعد فرضية، نستطيع أن نتناولها بالجدال حول وجودها، أو عدم وجودها، أو حتى تفنيدها وتصنيف فئة معينة، بأن هناك من لديهم فوبيا المؤامرات، لأنها بالفعل أصبحت واقعا موجودا، يعترف به القائمون عليها، لأننا في مرحلة الإعلان الصريح عن النوايا والمخططات، وقد قرروا جميعا، أن يعلنوا عن نواياهم، فهم يعتقدون أنهم ماضون فيها ولن يوقفهم أحد.
إن الحقيقة، التى كانت افتراضا، وأصبحت واقعا، أن تماسك وصلابة الأمم والتفافها حول مؤسساتها، هو الحل الأمثل، لتعبر من هذا الطوفان، الذى لم يعد مبدأه “فرق تسد”، بل أصبح “فتت تسد”، فمرحلة التفرقة بين الأشقاء، بدأت بعدما أظهروه من قوة وصلابة في حرب أكتوبر ١٩٧٣، ووضع المتآمرون نهجا لتفرقتهم وتحييد أهدافهم، إلا أننا الآن في مرحلة جديدة بعد أن تفرقوا، وهى تفتيت الأوطان من الداخل، لتصبح أوطانا هشة ضعيفة مقسمة، فيصبح اختراقها والانقضاض عليها أسهل والتحكم بمواردها وثرواتها أسهل، لذلك يجب علينا الحذر، كل الحذر، من أن يقترب أحد من تماسكنا وصلابتنا، وبإذن الله، لن يفرق، ولن يفتت الأمة المصرية الراسخة أحد، وستظل أمة واحدة، شعبها في رباط إلى يوم الدين.

عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.