محمد شعبان يكتب | عين العرب

0

لم يكن هذا الاسم على مر العصور المختلفة للمدينة السورية، محض صدفة، أو اسما عابرا، بل كان وصفا هاما وتاريخيا لجميع الشعوب العربية منذ القدم، وأنه لم يتغير لكي يدركه وتتوارثه الأجيال، هذه المدينة المهمة، والتي كانت هي خط الدفاع الأول لجميع أنواع العدوان القادم من بلاد الروم، وذلك لموقعها على الحدود الفاصلة بين قارة آسيا في بلاد الشام، وتركيا في قارة أوروبا، تلك المدينة، التي طالما كانت مطمعا للعديد من الزعماء، والرؤساء، والملوك، والأمراء، والتي ظلت حلما على مدار عقود من الزمن، والذي كان يمتلكها، فإنه استطاع أن يضع قدمه الأولى في بلاد العرب، وقدمه الثانية في بلاد أوروبا، لما تمتلكه من موقع جغرافي وجيوسياسى، فهي تعتبر طريقا استراتيجيا لربط القارتين بين بعضها البعض، ولعل هذا آثار حفيظة الأتراك أكثر من ومرة، لأجل ضمها إلى الأراضي التركية، لتعزيز أوضاعهم الاقتصادية، ولكي تمتلك القدرة على التحكم في التجارة العالمية، مثلما تمتلك مصر قناة السويس.
ولو نظرنا إلى الصراعات السياسية حول العالم، لوجدنا أنها صراعات من أجل السيطرة على المعابر الدولية الحدودية، وكذلك الموانئ المائية، ومصادر الطاقة المختلفة، اليوم وبعد ما حدث فى الدولة السورية من انقلاب على السلطة، أصبحت الأراضي العربية السورية مطمعا وحقا مستباحا لكثير من الدول الاستعمارية، وذلك لأن العدوان والاستعمار ثقافة تاريخية لدى هذه الدول، وليس أمرا جديدا أو مستحدثا، بل بات أمرا ضروريا، لتحقيق ما فشلوا فى تحقيقه من قبل، ويعد هذا في الوقت الراهن في عدم استقرار الأوضاع، هي الفرصة المواتية في ظل عدم وجود جيش وطني سوري، لحماية الحدود، وتواجد لجماعات وميليشيات متعددة الأيدلوجيات والفكر، بيئة مناسبة جدا، للسيطرة على المدينة، وضمها تحت السيادة التركية، ولكي تكون هناك بعض الأدوات الشرعية، ما المانع أن يتم في المدنية استفتاء شعبي من أجل الحكم، أو السيادة، وهذا لإرضاء المجتمع الدولي،ثم يعقب ذلك انتشار أمنى، لتأمين الاستفتاء، ثم انتشار عسكري من أجل حماية الحدود والأقليات، مخطط أراه أقرب للتنفيذ اليوم أكثر من البارحة.
إن ما يحدث في سوريا، سوف يكون بمثابة نقطة، تحول تاريخية في حياة الوطن العربي، ويعقبه تداعيات خطيرة على الدول العربية الإقليمية المحيطة، ومن المحتمل أن تطرح مشروعات دولية من خلال الشراكة لمد جسور وطرق برية بين دول الخليج العربي والأردن ودولة الكيان وتركيا وهذا كله بهدف ضرب الاقتصاد المصري من خلال تقليل الاعتماد على قناة السويس في نقل البضائع والمواصلات بحريا من آسيا إلى أوروبا، والعكس صحيح، إن ما يحدث يشكل خطرا داهما على الأمن القومي المصري من خلال تقليل الموارد، وإجبار الدولة المصرية على المثول لتنفيذ طلبات المخطط الاستيطاني الشيطاني ط، من أجل الوصول إلى تطبيع كامل وشامل، وغض البصر عن كل مشروعات التوسع في المنطقة العربية، وقبول فكرة التهجير، وأقصد هنا ليس تطبيع الحكومات العربية وحدها، بل تطبيع العلاقات مع شعوب تلك الدول العربية، ونسيان كل ماهو حق في قضية أو حدود تاريخية، وخلق واقع جديد، بلا عودة، ومع مرور الوقت، سوف تصبح الهوية واللغة الواحدة، غير ضروريتين، للتمسك بهما تحت عنوان الحريات والانخراط في ثقافات مختلفة، قد تكون في وقتها، هي التي تتواكب مع مجريات العصر ، ومن هنا لا يسعني إلا أن نذكر أنفسنا، أننا في حاجة إلى أن نتمسك بكل ما ورثنا عن أجدادنا من أرض وحضارة عريقة وتاريخ، وأن نتذكر دائما وأبدا أن هذه الأرض الطيبة، التي نعيش عليها قد “راح” على ترابها الكثير من الدماء، من أجل الحفاظ عليها، وكم من الأمم، قد تكالبت على وطننا العربي، ولم ينجحوا وإن حدث لم يستمر طويلا من الدهر، وكما قال الشاعر: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت إن ذهبت أخلاقهم ذهبوا”.
إن التاريخ يا سادة، قد سطر صراعا بين الشرق والغرب على مر العصور المختلفة، ولم يكن غير ذلك، فلا نجعل أبناءنا فريسة سهلة، تعبأ بها الأمم، وجعلهم جنودا في صفوف جيوشها من خلال تصديق ما يبدونه من كلام وشعارات كذبة، الهدف منها تجنيب الأجيال القادمة والحالية عن معرفة طبيعة الأهداف والنوايا الخبيثة، ونشر حالة من عدم الاهتمام بالمسئولية، والانتماء الوطني والتفريط في كل ما هو غال ونفيس، هناك بعض الأدوار، يلعبها بعض الأشخاص في كثير من البلدان العربية، الهدف منها هو لفت الانتباه تجاه قضايا فرعية وفئوية بغض النظر عن قضايا مصيرية بداعى المذهبية والقابلية والتي ظلت هذه الحالة، نقطة ضعف في كل بلد كان مصيره المحتوم، هو الانقسام والاقتتال، ولعل ما حدث فى سوريا، وقبلها العراق، واليمن، وليبيا والسودان، ولبنان وفلسطين نموذجا على ما ذكره من كلمات، فنحن الآن على مفترق طرق، إما أن نكون أمة أو نذهب إلى زوال.
ولعل العنوان يحمل في طياته إشارة إلى العرب دون تحيذ، وأن يصوبوا أعينهم نحو مستقبل بلادهم.
حفظ الله مصر وبلادنا العربية.

الباحث في العلوم السياسية
جامعة الإسكندرية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.