دعاء محمد فكري تكتب | هل حققت حماس أهدافها

0

شهد الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، تطورا جديدا ومفصليا في 7 أكتوبر 2023، حينما أطلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية عسكرية، وصفت بأنها الأكبر منذ سنوات. وقد أوضح هذا الهجوم، فشل إسرائيل من الناحية الأمنية والاستخباراتية، وفشل منظومة المراقبة لديها وفقدانها السيطرة لساعات في مستوطناتها الموجودة في قطاع غزة. وقد اعترف بهذا الفشل عدد كبير من المسئولين الذين يتمتعون بمناصب سياسية وأمنية مختلفة، منهم رئيس هيئة الأركان، هيرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك، رونين بار، ورئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هنغبي، وقائد القوات الجوية في الجيش، تومر بار، ورئيس شعبة الاستخبارات، أهارون ماليفا .
ولطالما شكلت حماس أحد الفاعلين الرئيسيين في القضية الفلسطينية، معتمدة على خليط من الاستراتيجيات العسكرية والسياسية، لتعزيز وجودها في الساحة الفلسطينية، وللتأثير على موازين القوى في الصراع مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن توقيت وأسلوب العملية في أكتوبر 2023، يثيران تساؤلات حول طبيعة هذه الأهداف، وما إذا كانت قد نجحت الحركة في تحقيق تغييرات استراتيجية أو تكتيكية في ضوء الرد الإسرائيلي القوي والمتغيرات الدولية المحيطة. لذلك، يهدف
هذا المقال إلى تحليل أهداف حماس، وتقييم مدى نجاحها في تحقيق هذه الأهداف، وذلك من خلال عرض أهداف حماس المعلنة من هذا الهجوم، ثم بعد ذلك تحليل إلى أي مدى تمكنت حماس من تحقيق أهدافها.
أولاً: أهداف حماس من عملية طوفان الأقصى، كما جاءت في الوثيقة الرسمية للحركة:
1. استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية، وأسر جنود العدو ومقاتليه، وذلك بهدف إطلاق الآلاف من الأسرى الفلسطينين في سجون الاحتلال، من خلال عملية تبادل؛ ولذلك تركز الهجوم على فرقة غزة العسكرية الإسرائيلية، وعلى المواقع العسكرية الإسرائيلية في مستوطنات غلاف غزة، والتي كانت دائما، تشكل مصدر قصف وإطلاق النار على غزة وأهلها.
2. مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وانتهاكاته وجرائمه تجاه الفلسطينيين، ومواجهة تصفية القضية الفلسطينية.
3. مواجهة مخططات التهويد والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وزيادة وتيرة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى.
4. التصدي لممارسات ائتلاف اليمين الصهيوني الأكثر تطرف، الذي بدأ عمليا بتنفيذ مخططاته للسيطرة الكاملة على الضفة الغربية من خلال خطة الضمّ، وتعزيز السيادة على القدس والمقدسات، إلى جانب السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية، وفرض واقع جديد على الأرض .
5. التصدي للتوسع الاستيطاني المتسارع في الضفة الغربية، ومواجهة اعتداءات المستوطنين وجرائمهم، التي بلغت مستويات غير مسبوقة.
6. تحقيق الأمل لدى 7 ملايين فلسطيني بالعودة إلى ديارهم بعد مرور 75 عاما على النفي والتشريد.
وفي ضوء هذه الأهداف، يمكن القول إن عملية طوفان الأقصى، التي قامت بها حركة حماس في السابع من أكتوبر عام 2023م، جاءت كخطوة حتمية واستجابة مشروعة لمواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وفرض السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات. كما جاءت هذه العملية كتحرك ضروري لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، ومواصلة النضال من أجل إنهاء الاحتلال، واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة، وتحقيق الاستقلال والحرية، بما يشمل حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.
ثانيا: مدى تحقيق حماس لأهدافها من الحرب،
يمكن القول، إن حماس نجحت في تحقيق الهدف الأول لديها المتمثل في “استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية، وأسر جنود العدو ومقاتليه، وذلك بهدف إطلاق الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، من خلال عملية تبادل”، حيث استطاعت حماس من خلال عملية طوفان الأقصى أسر عدد من الإسرائيليين “جنود، ومدنيين” وهو ما أجبر الحكومة الإسرائيلية على الموافقة على صفقة لتبادل الأسرى في 22 نوفمبر 2023م. وكان من بنود هذه الصفقة (وقف مؤقت للقتال لمدة 4 إلى 5 أيام، وإطلاق سراح 50 أسيرا بشكل تدريجي على مدار 5 أيام، مقابل الإفراج عن 150 أسيرا فلسطينيا). هذا بالإضافة إلى الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار، الذي تم في يناير 2025، ودخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، والذي كان بوساطة مصرية قطرية أميريكية، واتفق الأطراف في هذا الاتفاق أيضا على تبادل الأسرى من الجانبين.
أما عن الأهداف الأخرى لحماس، والتي كانت متمثلة في “مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومواجهة انتهاكاته، وجرائمه تجاه الفلسطينيين، ومواجهة تصفية القضية الفلسطينية”، فيمكن القول إن حماس تمكنت من خلال هجومها الذي شنته من الوقوف في وجه الاحتلال والتصدي لجرائمه، بالإضافة إلى أنها تمكنت من منع تصفية القضية، ويرجع الفضل في ذلك للشعب الفلسطيني، الذي رفض ترك أرضه، وتصفية قضيته، حتى وإن كان الثمن حياة هذا الشعب، الذي فضل خيار أن يظل في أرضه تحت القصف والدمار بدلا من الهروب لأي دولة أخرى.
علاوة على ماسبق، يمكن القول إن حماس قد كبدت الاحتلال الإسرائيلي عددا كبيرا من الخسائر خلال هذه الحرب، ويظهر ذلك من حجم الخسائر، التي تكبدها الجانب الإسرائيلي بعد الحرب على غزة، ومن أبرز هذه الخسائر، خسائر إسرائيل الاقتصادية، حيث أنه وفقا للبنك المركزي الإسرائيلي، فإن النقد الأجنبي للبلاد، تراجع في نهاية شهر إبريل الماضي حوالي 5.63 مليار دول، وتراجعت نسبة الاحتياطات بحوالي 41% من نسبة الناتج المحلي الإجمالي.
كما أنه ووفقا لتصريحات وزارة المالية الإسرائيلية، بلغت استدانة إسرائيل بسبب حربها على غزة حوالي 43 مليار دولار في عام 2023م، وامتدت تلك الاستدانة لعام 2024م، وشملت (304 مليارات دولار إجمالي الدين العام الإسرائيلي حتى نهاية 2023، و21 مليار دولار ديون إضافية، و6 مليارات دولار إجمالي القروض عام 2022، وبلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي حوالي 62.1 بالمائة) .
هذا علاوة على خسارة إسرائيل للرأي العام العالمي، الذي كان فيما قبل حرب غزة مؤيدا لها بشكل مطلق، لكن بعد هجوم السابع من أكتوبر، وبعد حربها على غزة، أصبح هناك تعاطف دولي كبير تجاه الفلسطينيين في غزة، وظهر ذلك بوضوح من احتجاجات الطلاب في الجامعات الأوروبية والأمريكية، وأيضا احتجاجات المواطنين في عدد كبير من الدول الأوروبية من أجل الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار. وفي استطلاع أجراه مركز جامعة هارفارد للدراسات السياسية الأمريكية ومؤسسة هاريس، أظهر الاستطلاع أن 57% في الفئة العمرية من (18-24) يعتقدون أن إسرائيل، تتعمد إبادة سكان غزة، ووجد الاستطلاع أيضا، أن 15% من الفئة العمرية (65 فما فوق)، يرون أيضا أن إسرائيل، تتعمد إبادتهم.
ختاما
يمكن القول إن حماس نجحت في تحقيق بعض أهدافها من عملية طوفان الأقصى، لكن لم تتمكن من تحقيق البعض الآخر، كما أنها تمكنت من الخروج ببعض المكاسب من هذه
الحرب، لعل أهمها اكتسابها للرأي العام العالمي بعد أن كان الرأي العام العالمي مؤيدا ومتعاطفا بشكل مطلق لإسرائيل.
قائمة المراجع
– عمار أبو عبيد، المشهد في إسرائيل: 7 أكتوبر، مجلة شؤون فلسطينية، ع 293، مركز الأبحاث، 2023، ص 11
– هذه روايتنا: لماذا طوفان الأقصى؟، 14 مارس 2024، حركة المقاومة الإسلامية حماس، ص 7، تم الدخول بتاريخ 5/12/2024 الساعة 12:29م من رابط https://hamasinfo.info/2024/03/14/581/
– حرب غزة: كيف تسببت في أكبر خسائر للاقتصاد الإسرائيلي، مايو 2024، سكاي نيوز، تم الدخول بتاريخ 5/12/2024 الساعة 2:13م، من رابط https://www.skynewsarabia.com/business/
صفقة تبادل الاسرى بين حماس وإسرائيل: آخر المعطيات المتوفرة، 20 نوفمبر 2024، سكاي نيوز عربية، تم الدخول بتاريخ 5/12/2024 الساعة 1:57م من رابط https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1671533-

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.