د. هاجر سعد الدين يكتب | رسالة من قاعة المحاضرات

0

في يوم الطالب المصري، نقف جميعًا أمام مسؤولية كبيرة تجاه أجيال المستقبل، مسؤولية لا تقتصر فقط على نقل المعرفة، بل تمتد إلى بناء الإنسان وإعداده لمواجهة تحديات الحياة. كوني دكتورة جامعية وعضو لجنة التعليم والبحث العلمي بلجنة التنمية البشرية بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أجد نفسي يوميًا في قلب هذا التفاعل الإنساني بين الأستاذ والطالب، حيث تتشكل العلاقة التي تبني العقول وتصقل المهارات.

إن مهنة التدريس ليست مجرد وظيفة، بل هي رسالة سامية تتطلب من صاحبها الإيمان العميق بدوره. الطالب هو انعكاس لما تمنحه إياه، فإن أعطيته الاهتمام والرعاية وبذلت الجهد في إيصال المعلومة بأفضل الطرق التي تناسب قدراته، ستجده يبذل الجهد ذاته في التحصيل والتفوق. التعليم عملية تفاعلية، أشبه بلعبة تنس الطاولة، حيث يكون العطاء والاهتمام متبادلين بين الطرفين. حيث أن التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة، بل هو صناعة للأمل، لذا يجب أن يدخل الأستاذ قاعة المحاضرات بطاقة إيجابية، متخليًا عن ضغوطه الشخصية، فالبشاشة والمرونة أساس البيئة التعليمية المشجعة. الطلاب هم جوهر العملية التعليمية، والأستاذ ضيف في رحلتهم، لذا عليه أن يكون خفيفًا عليهم، حريصًا على تقديم المعلومة بطريقة سلسة ومفهومة. التفاعل داخل القاعة لا يقع على عاتق الأستاذ وحده، بل الطالب شريك أساسي، دوره لا يقتصر على التلقي، بل يمتد إلى البحث، التساؤل، والمشاركة الفعالة، مما يعزز التفكير النقدي لديه. لا يوجد طالب غير قادر على الفهم، بل قد تكون طريقة الشرح غير مناسبة، لذا يجب على الأستاذ التنوع في أساليبه والتقاط إشارات الاحتياج من عيون طلابه. التعامل مع الطالب يجب أن يراعي إنسانيته، فقد يمر بيوم سيئ، وخلق جو مريح في القاعة يسهم في تحسين استيعابه. العلاقة بين الطالب والأستاذ لا تُبنى على العلم فقط، بل تمتد إلى الألفة والتجارب الحياتية التي تثري البيئة التعليمية. الامتحانات يجب أن تعكس ما تم تدريسه دون تعقيد مبالغ فيه، والحزم مطلوب لكن دون قسوة.

وأخيرًا، الحب هو المفتاح. حب الأستاذ لطلابه ينعكس في اهتمامه بهم، في حرصه على إيصال المعلومة، في مراعاته لظروفهم، وفي رغبته الحقيقية في أن يكون له تأثير إيجابي في حياتهم. فالطريق إلى عقول الطلاب يبدأ دائمًا من قلوبهم.

لهذا، في يوم الطالب المصري، أوجه رسالتي لكل معلم: أنت البداية وأنت النهاية في حياة طلابك ، وما تبذله اليوم من جهد سيظل أثره قائمًا لعقود قادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.