يوساب سعدي يكتب | مصر لن تفرط في أرضها

0

بعد أربع سنوات قضاها العالم على صفيح ساخن متأرجحا بين الحروب والنزاعات والأزمات الاقتصادية، وكان ينتظر أن يأتي منقذ العالم، لينهي هذه الآلام، فأتى “دونالد ترامب”، لكي ليوقف بحر الدماء والصراع المنتشر في بقاع كثيرة من الأرض، وفي يوم 6 نوفمبر لعام 2024، فاز ترامب على منافسته كامالا هارس، ومن بعدها انسحبت مرشحة الحزب الديمقراطي، ليحتل الحزب الجمهوري المشهد، ولم يكن هذا الفوز عبثيا أو مجرد صدفة أو حتى حبا من الشعب الأمريكي له، بل كان مخططا له جيدا من إسرائيل، ومن غيرها من الدول، التي تتوافق مصالحها مع مصالح وأفكار ترامب، وبعد فوزه، بدأت تصريحاته المثيرة للجدل، تتصدر عناوين الأخبار العالمية، حيث أثارت ردود فعل واسعة بسبب طبيعتها الاستفزازية والخطيرة، ومن بين هذه التصريحات، كانت هناك مقترحات غريبة، مثل تغيير اسم خليج المكسيك، وإستعادة قناة بنما، وحتى ضم كندا، لتصبح الولاية الأمريكية الحادية والخمسين، ولم يكتف ترامب بهذا الهراء، بل وبدأ المساس بمنطقه الشرق الاوسط، فقام ببث رسائل تهديدات كترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني إلى مصر والأردن بشكل مؤقت أو دائم، لأن على حسب قوله أنهم ساعدونا كثيرا، ونحن لا نستطيع أن نرفض لهم طلبا، ليصرح بعدها نتنياهو بأن السعودية بإمكانها إقامة دولة فلسطينية على أراضيها، فهم لديهم الكثير من الأراضي، بالإضافة إلى رسائل وضغوطات أخرى كثيرة إلى أن وصل الأمر بالتهديد بإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ومنع المساعدات والمعونات عن مصر والأردن وكأن مساعداته هي التي تحيي وتميت شعبي مصر والأردن، أو كأننا في حاجة ماسة إليها، ولكنه غفل بأنه بدأ في معاداة أكبر الدول العربية والإسلامية، وعلى رأسهم مصر، التي جاءت ومن بعدها جاء التاريخ وغفل أيضا أنه في عام ٢٠٠٨
روجت إسرائيل بزعامة إيهود أولمرت مشروعا صهيونيا قائما على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء من أجل تغيير الطابع الديموغرافي للقطاع،
وفي عام 2013، جمع لقاء بين الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري، لتقديم عرض إسقاط ديون مصر مقابل توطين الفلسطينيين في سيناء.
وفي عام ٢٠١٨، كشف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن ترتيبات لتوطين جزء من الفلسطينيين في سيناء، ضمن دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة.
وإلي أن جاء يوم ٧ أكتوبر، وشنت حماس الإرهابية ضربة إلى إسرائيل تحت اسم طوفان الأقصى،
لتنطلق بعدها إسرائيل سلسلة غارات على مناطق مختلفة في قطاع غزة، ردا على عملية “طوفان الأقصى”، ويقول المتحدث العسكري الإسرائيلي للفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت: ننصح سكان قطاع غزة بالتوجه إلى مصر. وبعد كل هذه الضغوطات والمحاولات الفاشلة، لم تخضع مصر لمؤامرات بنيامين نتنياهو.
ولكي تكون الصورة واضحه، لا يستطيع ترامب، أن يفوت فرصة ولايته الثانية، والتي من المرجح أن تكون الولاية الأخيرة دون حل قضية شائكة كالقضية الفلسطينية والتي مر عليها حوالي 77 عاما منذ بدء القضية الفلسطينية، وهذا أمر يؤرق إسرائيل كثيرا، ولا أحد يستطيع أن يجزم أن الرئيس القادم للولايات المتحدة، سيكون عاشقا لإسرائيل مثل ترامب، وأيضا مما لا شك فيه، أن ترامب سيواصل صدامه مع جميع دول الشرق الأوسط، لكي ينهي دولة فلسطين بأي ثمن كان، لكي لا يعكر صفو إسرائيل، ولكي لا ننسى أنه مهما كانت ولاية بايدن سيئة وداعمة لإسرائيل، ولكنها جاءت في يوم طالبت نتنياهو بعدم دخول رفح، كما أنها لوحت بوقف شاحنات الأسلحة الإسرائيلية، وهذا لم يكن يحدث في وجود ترامب ففي الأسبوع الثالث لولاية ترامب قال “مايك هاكابي” السفير الأمريكي لدى إسرائيل: “سنحقق شيئا ذا أبعاد توراتية بالشرق الأوسط في ظل إدارة ترامب، والشيء الوحيد الذي نعرفه أن حماس، لن تكون قادرة على البقاء، وهذا بات محسوما”، وهذا إن دل فسيدل على شيئين، إما أن ترامب، يطبق مقولة “الرصاصة اللي ما تصيبش تدوش”، أو أنه سينفذ تهديداته تجاه مصر والشرق الأوسط بجدية، ولو كنا لا نعلم هذا بشكل حتمي، ولكننا نعلم أنه إن لم تتحد مجموعة البريكس ضد مخططات وترتيبات أهل الشر، سيكون هناك شرق أوسط جديد بعد أربع سنوات، لا تتمناه إلا إسرائيل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.