د.أحمد حفظي يكتب | سيناء من ميادين القتال إلي منصات البناء

0

تحلّ اليوم الذكرى الثالثة والأربعون لتحرير أرض سيناء، في مناسبة وطنية غالية تجسد أعظم انتصار سياسي وعسكري في تاريخ الدولة المصرية الحديث. في مثل هذا اليوم، الخامس والعشرين من أبريل عام 1982، رُفع العلم المصري على آخر نقطة في طابا، ليُعلن انتهاء سنوات الاحتلال، وتبدأ مرحلة جديدة من بناء المستقبل على أرضٍ رُويت بالدم الطاهر.
سيناء… الأرض التي انتصرت وازدهرت فلم تعد اليوم كما كانت في سنوات ما بعد التحرير. ففي ظل قيادة سياسية حكيمة، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهدت سيناء طفرة غير مسبوقة في مجالات التنمية العمرانية والاقتصادية والاجتماعية. تحوّلت من منطقة نائية إلى مركز استراتيجي حيوي يعكس طموح الدولة المصرية في تحقيق الأمن والاستقرار والنمو المتوازن.
وخلال السنوات القليلة الماضية، تم تنفيذ عدد كبير من المشروعات القومية على أرض سيناء، تضمنت إنشاء شبكة طرق عملاقة بطول آلاف الكيلومترات، وربطت شمال سيناء بجنوبها، وشرقها بغربها، إلى جانب إنشاء أنفاق قناة السويس التي ربطت سيناء بشكل مباشر بالدلتا، مما أنهى عزلة امتدت لعقود.
كما تم تنفيذ عدد من الكباري، وخطوط الكهرباء، ومحطات المياه، ومشروعات الإسكان التي تخدم آلاف الأسر، ضمن خطة طموحة لتحويل سيناء إلى بيئة جاذبة للسكان والاستثمار.
شهدت سيناء إطلاق مشروعات عملاقة لاستصلاح الأراضي، مثل مشروع تنمية شمال ووسط سيناء الذي يهدف إلى استصلاح أكثر من 400 ألف فدان. وقد تم تنفيذ نظم ري حديثة ومزارع نموذجية، إلى جانب دعم التجمعات البدوية وتوفير فرص عمل لشباب سيناء.
وفي مجال التعليم، تم إنشاء عدد من المدارس والمعاهد الفنية، إلى جانب جامعة الملك سلمان الدولية التي تُعد منارة علمية كبرى لخدمة أبناء سيناء والوافدين من باقي المحافظات. أما في قطاع الصحة، فقد شهدت سيناء تطوير عدد كبير من المستشفيات والوحدات الصحية، وتزويدها بأحدث الأجهزة الطبية.
ولم تغفل الدولة المصرية عن أهمية الأمن كركيزة للتنمية، فخاضت القوات المسلحة والشرطة معركة شرسة ضد الإرهاب، أسفرت عن تطهير مناطق كثيرة من الجماعات المتطرفة، واستعادة السيطرة الكاملة على أرض سيناء، مما وفّر بيئة آمنة للاستثمار والسياحة والمشروعات الكبرى.
أن ما يحدث في سيناء اليوم هو انتصار جديد يُضاف إلى رصيد مصر، لكنه هذه المرة انتصار في ميادين البناء لا ساحات المعارك. فسيناء التي تحررت بالسلاح، ها هي اليوم تُزهر بالتنمية الشاملة، وتتحول إلى نموذج يحتذى به في الإعمار والاستثمار.
ولعل أهم ما يميز هذه المرحلة هو الإيمان العميق من القيادة السياسية بضرورة دمج سيناء دمجًا حقيقيًا في نسيج الوطن، وتوفير كل مقومات الحياة الكريمة لأبنائها، احترامًا لتاريخهم، وإيمانًا بمستقبلهم.
وفي ذكرى تحرير سيناء، تقف مصر شامخة بما أنجزته، معتزة بما بذلته، متطلعة إلى مستقبل واعد تسطره فوق الرمال التي عرفت طعم النصر، وتعيش الآن زمن الأمل. سيناء لم تعد خطًا أحمر على الخريطة، بل أصبحت نقطة انطلاق نحو وطن أقوى، وشعب أكثر اتحادًا، ومستقبل لا يعرف إلا الإنجاز…….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.