حسن هجرس يكتب | عيد العمال.. صفحات في سجل الوطن

0

يُعد عيد العمال مناسبة وطنية خالدة، تحمل بين طياتها معاني الوفاء لسواعد تبني وتُعمِّر، ولعقول تُفكر وتُبدع. ففي هذا اليوم، تحتفي مصر بعمالها الذين كان لهم عبر التاريخ دور رئيسي في كتابة فصول النهضة الاقتصادية، وتأسيس دعائم التنمية الشاملة.

جذور عيد العمال في مصر: تاريخ من النضال والاعتزاز

ترجع بداية الاحتفال بعيد العمال في مصر إلى أوائل القرن العشرين، حين بدأ العمال ينظمون حركتهم النقابية مطالبين بتحسين ظروف العمل وتوفير بيئة عادلة تحفظ حقوقهم.
وقد حظي عيد العمال بدعم الدولة منذ ثورة يوليو 1952، حيث اعترف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بدور العمال كأحد الأعمدة الثلاثة للثورة (العمال – الفلاحين – الضباط الأحرار)، ومنذ ذلك التاريخ أصبح الاحتفال بعيد العمال مناسبة وطنية رسمية، يُلقي فيها رئيس الجمهورية كلمة تكريمًا لجهود العمال في بناء الدولة.

على مدار العقود، تطور مفهوم الاحتفاء بعيد العمال من مجرد يوم رمزي إلى مناسبة لتسليط الضوء على السياسات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة لحقوق العمال، وتحفيزهم على المزيد من العطاء والإبداع.

العمال والناتج القومي: شراكة حقيقية في بناء المستقبل

لا يمكن الحديث عن الناتج القومي لأي دولة دون الوقوف أمام الدور الحيوي الذي يؤديه العمال في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وفي مصر، يُمثل قطاع العمالة حوالي 42% من إجمالي القوى العاملة، بحسب أحدث تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقد ساهم العمال في دفع عجلة النمو الاقتصادي، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي لمصر نموًا بلغ 4.2% خلال العام المالي 2023/2024، مدفوعًا بشكل أساسي بقطاعات الصناعة، والزراعة، والبناء، وهي قطاعات تعتمد بشكل جوهري على جهود العمال.

تشير الدراسات إلى أن العمالة المصرية تساهم بأكثر من 60% من قيمة الإنتاج الصناعي، وأكثر من 55% من حجم الإنتاج الزراعي، مما يؤكد أن العمال هم القلب النابض للاقتصاد الوطني.

كلمة الرئيس: تكريم مستحق وتأكيد على دور العمال

في كلمته خلال احتفالية عيد العمال لعام 2024، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن العمال هم “قلب الوطن النابض ومحور عملية التنمية الشاملة”، مشددًا على أن الدولة المصرية تبذل قصارى جهدها لدعم حقوقهم وتحسين بيئة العمل، ومواكبة التغيرات الاقتصادية العالمية.
وقال الرئيس:
“إن ما نشهده من مشروعات قومية ضخمة كان للعمال دور البطولة فيها، فهم الجنود المجهولون الذين يعملون بكل إخلاص لصناعة مستقبل مصر.”
كما دعا الرئيس إلى “الاستثمار في تنمية مهارات العمال وتأهيلهم للمرحلة القادمة، لمواكبة التطور التكنولوجي والثورة الصناعية الحديثة.”

تحديات الحاضر وآفاق المستقبل

رغم الإنجازات التي تحققت، لا تزال هناك تحديات تتطلب مواصلة العمل لتوفير بيئة عمل عادلة وآمنة، وتعزيز الاستثمار في تنمية مهارات العمال بما يتناسب مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي.
إن تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدام يتطلب دمج جهود العمال مع خطط التطوير، وتعزيز دورهم كشركاء فاعلين في صنع القرار الاقتصادي، وليس مجرد منفذين.

كلمة وفاء وتقدير

في عيدهم المجيد، توجه مصر تحية تقدير وإجلال إلى عمالها الذين لا يدخرون جهدًا في سبيل رفعة الوطن. فبهم تتحقق التنمية، وعلى أكتافهم تُبنى صروح التقدم.
ومع كل صفحة جديدة تُكتب في سجل الوطن الاقتصادي، يثبت العمال أنهم بالفعل العمود الفقري للدولة، والسند الحقيقي في مسيرة العبور نحو المستقبل الأفضل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.