د. نور الشيخ يكتب | كوكب البلوجرز

0

الأحلام لا تسقط بالتقادم، هكذا تعلمنا وهكذا شَببنا، ولكنها تستبدل أو تتغير بتغير الأجيال!

كانت الأحلام للأجيال القديمة هي الالتحاق بكلية الحقوق ثم تطور الحلم إلى نيل شرف الالتحاق بكليات الطب والهندسة …
وموازيا للطب والهندسة بدأ يلوح حلم الالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية….. ثم حدثت نقلة نوعية وتطور الحلم إلى حلم اللحاق بركب الجامعات الخاصة حيث أصبح الحلم مترجما إلى اللغة الأجنبية، أو بالأصح أصبحنا نحلم باللغة وليس الهدف مثل الالتحاق بجامعة يرمز لاسمها بثلاثة أو أربعة حروف لزوم الوجاهة.
وتطور الحلم إلى الالتحاق بكلية البيزنس أدمن ستريشن اللي هي كلية تجارة عادى بس إنجليزي، أو كلية الماسكوم اللي هي اعلام عادى برضو.
وعقب الانتهاء من المرحلة التعليمية كان حلم الوظيفة الحكومية هو الذي يداعب الخيال ثم حلم العمل بالقطاع البنكي ثم حلم شركات المالتي ناشيونال ومن ثم حل حلم لاعب كرة القدم المشهور والغنى أو حلم التمثيل ليأخذ مكان الصدارة في أذهان الشباب، ولكن هذا الأخير أصبح حكراً بنسبة كبيرة لأبناء العاملين والقليل من الموهوبين.
فتركزت الأحلام في الشهرة ثم المال، بعد أن كان الحلم مبنيا على رسالة ثم تدنى وأصبح مبنيا على المال فقط ثم حلم الثراء الفاحش وهو حلم الفرصة ثم حلم الشهرة أولاً ثم المال.
قديما كان النجاح هو من يصنع الشهرة ويجلب الأموال، ثم تطور إلى أن أصبحت الأموال هي من تصنع الشهرة إلى أن وصلنا إلى أن الشهرة والمشاهدات هي من تصنع ما يسمى النجاح والأموال.

فإذا سألت طفل من مواليد السبعينات أو الثمانينات عن أحلامه وأهدافه تراه يتأرجح ما بين الحلم المادي أو الحلم المبنى على الرسالة، وكانت المادية بمفاهيم آنذاك ليست الشراهة المالية المفرطة، فكان مثلاً يحلم بأن يصبح طبيبا من أجل الوجاهة أو الرسالة في بعض الأحيان ومن داخلها يرغب في تخصص يسمح له بجنى الأموال الكثيرة والسريعة مثل طبيب الأطفال أو النساء ثم تطور إلى طبيب الأسنان حتى استقر إلى أطباء التجميل الأكثر ربحية بعد الأكثر شهرة طبعاً.
كان الشاب يرغب قديما في أن يصبح صاحب صيدلية حتى أصبح الحلم أن يكون أكبر تاجر مساحيق ومكملات غذائية، ليس من أجل الثراء فقط ولكن أيضاً للشهرة.
كان قديما يحلم بأن يكون صحفيا يبحث عن الحقائق وقول الحقيقة وتوجيه الرأي العام إلى الطريق الصحيح إلى أن أصبح مجرد مشتر للهوا في أية قناة من أجل أن يحصل على لقب إعلامي ويكسب من الإعلانات وليس المحتوى، وغيرهم كثير في كل الوظائف والمهن.
ولما كانت الجينات البشرية قد تغيرت بفعل العوامل الوراثية الناعمة التي ترسخت في خلايا وذرات الإنسانية التي تحمل في نخاعها وكراتها البيضاء والحمراء إرث البشرية الجديدة، موصوفاً بالنيو جين ريشن إلى أن أصبحنا مصنفين بجيل زي (Z) وجيل إكس (x) وجيل الفا.
فأصبحت الأحلام تتمحور حول كيف لي أن أحصل على أعلى نسبة مشاهدات ليزيد بصفحتي حتى المتابعين ولا تنس تفعيل زر الجرس ليصلك آخر إصداراتنا ولا تنسوا الصلاة على الحبيب وأن تدعو لأهلنا وموتانا….. الخ الخ الخ.

فكيف سيصبح الكوكب بعد أن تكون كل المهن والوظائف عبارة عن بلوجرز وصناع محتوى كوميدي أو معلقين على مشاهد من فيلم أو برنامج أو متنمرين على صناع محتوى تافه أو أن يكون صانع المحتوى دجالا من دجالين الأبراج أو أي محتوى ليس به أي محتوى لمجرد فقط أن يصبح مشهوراً ولديه أموال.
هل تعلم يا عزيزي أن التقليد أصبح موهبة مما يجعلك صاحب محتوى!!!!! ومشهورا وعندك فلوس كتير كمان.
فتقليدك لصانع محتوى آخر أو تقليدك للفنانين أو حتى تحريك الشفاه على مشاهد سينمائية يجلب لك الكثير من الأموال!
هل بهذا تتقدم الدول؟ وتنضج العقول؟ وتستقر الحياة؟
قال تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا). سورة الكهف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.