د.محمد السيد سالم يكتب | معدن شعب وموقف دولة

0

عبر التاريخ، تستمد مصر قوتها من أزماتها لأن ما يحفظ وجودها ليس إتفاقيات ظرفية، بل وعي وإدراك شعبها أن هذه الأرض ليست محل مساومة أو تفريط، وأن استقلال قرارها هو خط الدفاع الأخير عن الأمة بأسرها، ظلت مصر عنوانًا للسيادة والصمود الأبدي، حيث تتصدر المشهد الإقليمي والعالمي بمواقفها الثابتة وقراراتها الوطنية الراسخة، وظهر ذلك جاليًا في مواجهة كافة التحديات الكبرى التي فرضتها أحداث غزة الأخيرة بداية من يوم السابع من أكتوبر، حيث أثبتت القيادة المصرية أنها تمتلك من الحكمة والبصيرة ما يجعلها تقود المنطقة بحنكة ووعي سياسي شامل وعميق، كما أظهرت مصر مراراً قدرتها على تجاوز كافة التحديات الكبري التي مرت بها بنهج استباقي ووعي منقطع النظير في إطار استراتيجية مصر الثابتة، ولم تتوان مصر يوماً عن الدفاع عن سيادتها وأيضاً الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وقد حددت الدولة المصرية مواقفها بوضوح في ظل الأزمة الراهنة معلنة لاءاتها القاطعة في رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وأيضاً رفض توطينهم أو تصفية قضيتهم. وأثبتت الدولة المصرية قدرتها على مواجهة الضغوطات الدولية، بل نجحت في إحباط مخططات إسرائيلية كانت تهدف لتفتيت وتدمير المنطقة، في الوقت الذي تعرضت فيه أجزاء من الأراضي السورية واللبنانية للاحتلال، وتعرضت غزة للدمار الشامل، وتعرض دول آخري بالمنطقة للدخول في حروب، حافظت مصر على مواقفها الثابتة والحازمة، التي أفشلت المخططات الصهيونية وأعطت المنطقة فرصة جديدة من الاستقرار وإعادة ترتيب الأوراق، كما أدارت مصر الأزمة منذ اللحظة الأولى بحنكة سياسية ودبلوماسية استثنائية، ولم يكن الموقف المصري مجرد رد فعل بل كان استباقيا واستراتيجيا يعبر عن إدراك عميق لتبعات أي تنازل أو تراخ في مواجهة المخططات التي تستهدف أمن مصر القومي.
حيث تختبر حرب غزة قدرة الدولة المصرية على الصمود والتعامل مع هذه الأوقات المضطربة ، وخاصة التحديات المرتبطة بالصدمات الخارجية، وأيضاً الحاجة الملحة لمعالجة التأثير الاجتماعي والاقتصادي لحرب غزة، وقدرة الاقتصاد المصري علي اتخاذ تدابير انتعاش سريعة والتعافي المستدام، وفي هذا السياق تتحرك قوى داخلية وخارجية في آن واحد، بعضها يسعى لإضعاف الدولة المصرية وإشغالها عن دورها القومي، والبعض الآخر يحاول استغلال الأوضاع الداخلية لتحقيق أجندات لا تخدم سوى مشاريع الهيمنة الدولية.
إن شعبنا المصري الأصيل خاصة فى أوقات الشدائد والأزمات عادة ما يظهر معدنه الأصيل في التماسك والاصطفاف الوطني، وحاليًا يتم الضغط على مصر لتصفية القضية الفلسطينية وأن يتم تهجير أهالى غزة إلى سيناء ولكن الشعب المصري وقيادته السياسية رفضوا هذا الطرح بشكل قاطع، كما أثبتت مصر أنها ليست فقط داعمة لقضية فلسطين بل هي القوة الإقليمية التي يمكنها تغيير مسار الأحداث في المنطقة بفضل استراتيجيتها المحكمة ودورها المحوري في التأثير على توازنات القوى الدولية، كما يعد الموقف المصري بمثابة رسالة قوية للعالم أن مصر لا تقبل المساومة، ولا تتنازل عن مبادئها أو حقوقها، بينما تستمر التحولات الكبرى في المنطقة، تبقى الدولة المصرية قوة صامدة قادرة على حماية سيادتها وداعمة للقضايا العادلة بكل شرف وحكمة لا تضاهي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.