بين دفاتر المراجعة وصوت المنبه المتكرر في منتصف الليل، يعيش الطلاب في هذه الأيام سباقًا محمومًا مع الوقت، تحكمه مشاعر التوتر والخوف من المجهول.
ففي كل بيت يكاد صوت كلمة “إمتحان” يعلو على سواه، ومعها يظهر ضيف ثقيل يُدعى “قلق الإمتحان”، فمع إقتراب موسم الإمتحانات، يعاني كثير من الطلاب من حالة نفسية تُعرف بـ”قلق الإمتحان”، وهي حالة شائعة تصيب الطلاب بدرجات متفاوتة، وقد تؤثر بشكل مباشر على أدائهم الأكاديمي وحياتهم اليومية ذاك الهاجس الذي يحاصرعقول الطلبة، ويهدد طاقتهم النفسية والجسدية. ورغم أنه ظاهرة مألوفة، فإن تداعياته قد تكون أكثر خطورة مما يعتقد البعض، خاصة إذا تُرك دون وعي أو تدخل.
في هذا المقال، نسلط الضوء على قلق الإمتحان: أسبابه، أعراضه، وكيفية التعامل معه بوعي وفاعلية.
قلق الإمتحان هو شعور بالتوتر أو الخوف الشديد المرتبط بأداء الطالب في الامتحانات. قد تظهر أعراضه على شكل صعوبة في التركيز، اضطرابات في النوم، فقدان الشهية، أو حتى أعراض جسدية مثل آلام المعدة وتسارع ضربات القلب.
قلق الإمتحان ليس مجرد حالة مزاجية عابرة، بل هو اضطراب نفسي مؤقت يصيب الطالب عند اقتراب مواعيد الاختبارات. يشعر فيه بتوتر مفرط قد يعيق تركيزه، ويخفض من أدائه، حتى لو كان مستعدًا جيدًا من الناحية الأكاديمية. يتفاوت هذا القلق بين شخص وآخر، لكن خطورته تكمن في تحوله من دافع إيجابي إلى عائق نفسي فهناك أعراض لا يجب تجاهلها فأكثر ما يميز قلق الامتحان هو تداخل الأعراض النفسية والجسدية، والتي قد تشمل:سرعة ضربات القلب التعرق الزائد اضطرابات النوم أو الأرق فقدان الشهية أو الأكل المفرط نوبات بكاء مفاجئة أو نوبات غضب وشعور دائم بعدم الكفاءة أو الخوف من الرسوب هذه الأعراض لا تعني ضعف الشخصية، بل تشير إلى ضغوط متراكمة تحتاج لفهم واحتواء.
وفيما يلي سوف نتعرض لأسباب قلق الامتحان فوراء كل طالب قلق، قصة تختلف تفاصيلها. فمنهم من يعاني ضغط الأهل وتوقعاتهم العالية، ومنهم من يخشى المقارنة مع زملائه، أو لديه تجربة سابقة في الفشل. كما أن ثقافة “الدرجات أولاً” التي تسيطر على بعض البيئات التعليمية، قد تحول الامتحان من وسيلة تقييم إلى معركة مصيرية فتتنوع أسباب قلق الامتحان بين ضغوط أسرية، توقعات عالية من المحيطين، الخوف من الفشل، أو تراكم المواد الدراسية في اللحظات الأخيرة. كما يلعب غياب المهارات التنظيمية وضعف الاستعداد المسبق دورًا كبيرًا في تفاقم المشكلة فتتعدد أسباب قلق الامتحان، ومنها:
التربية القمعية التي تربط قيمة الطالب بنتيجته فقط.
الخوف من المقارنة بالآخرين. وغياب ثقافة الدعم النفسي في كثير من البيئات التعليمية. والاعتماد على الحفظ دون فهم، مما يزيد من التوتر وقت الامتحان. أما عن كيفية مواجة قلق الامتحان؟ نؤكد على ان الاستعداد النفسي لا يقل أهمية عن المذاكرة. يجب أن يدرك الطالب أن القلق طبيعي، وأن الأهم هو تنظيمه لا منعه تمامًا.الراحة الجسدية ضرورية: لا فائدة من السهر بلا نوم، فالعقل المنهك لا يستوعب المعلومات.
المهارات الذهنية مثل التأمل أو تمارين التنفس يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في تقليل التوتر.
طلب الدعم ليس عيبًا، سواء من الأسرة أو المعلمين أو الأخصائيين النفسيين.
التحضير الجيد والمبكر: يساعد في بناء الثقة بالنفس ويقلل من التوتر.
تنظيم الوقت: من خلال وضع جدول دراسي متوازن بين الدراسة والراحة.
تقنيات الاسترخاء: مثل التنفس العميق أو التأمل، لتقليل التوتر.
وفي الختام تبقي كلمة: قلق الإمتحان ليس ضعفًا، بل هو رد فعل طبيعي للضغوط، ويمكن التغلب عليه بالتخطيط والوعي والدعم المناسب. ولعل أهم ما يحتاجه الطالب في هذه الفترة هو الطمأنينة والثقة في قدراته، لأن الامتحان ليس نهاية الطريق، بل مجرد محطة في طريق طويل من التعلم والنمو. قلق الامتحان لا يجب أن يكون عدوًا، بل قد يكون بوابة لاكتشاف الذات وتحسين أسلوب الحياة. الأهم أن نتعامل معه بوعي، وأن نعيد تعريف النجاح، فلا تحصره درجات ورقية، بل يُقاس أيضًا بالهدوء، الثقة، والاجتهاد المستمر صوت القلق قد لا يختفي، لكنه يمكن أن يتحول إلى دافع إذا ما تمت إدارته بذكاء ووعي. الامتحان ليس النهاية، بل مجرد محطة على طريق طويل من التعلم والنجاح الشخصي.