سلامة أبو زعيتر يكتب | الاخصائي الاجتماعي قلب العمل الإنساني (1-2)

0

إيمانًا منا بأهمية الدور المحوري للأخصائي الاجتماعي المهني، وسعيًا للارتقاء بهذا الدور وتعزيز الوعي المجتمعي بأهميته، نسعى من خلال هذا المقال لتسليط الضوء دور الاخصائي في العمل الانساني بالإجابة عن تساؤل مفاده: لماذا يجب أن يكون الاخصائي الاجتماعي قلب العمل الإنساني؟ وما هو أبرز تحدي لذلك؟
كل المعطيات والتجارب العملية تؤكد بأن الأخصائي يمثل بالفعل قلب العمل الإنساني من خلال تدخلاته في مختلف الميادين، هذا التأكيد ينبع من التخصص العميق والانتماء الراسخ للمهنة، إيمانًا بقدرتها على إحداث تدخلات علمية وعملية مؤثرة تخدم الفرد والمجتمع، فعندما يسير العمل الإنساني وفق خطط واستراتيجيات واضحة، وينفذه متخصصون مؤهلون، يصبح الأخصائي الاجتماعي القادر بمهاراته المتفردة على تحقيق أهداف هذا العمل السامي، المتمثل في خدمة الإنسان ومساندته في مواجهة الصعوبات والأزمات والتحديات المحيطة به، وتتجلى هذه القدرات والمهارات في جوانب متعددة منها التالي:
• الفهم العميق والشامل للاحتياجات حيث يتمتع الأخصائي بالمعرفة والمهارات اللازمة لتقدير دقيق للمواقف، وفهم الاحتياجات والأولويات المتنوعة للمستفيدين من العمل الإنساني، مع الأخذ في عين الاعتبار الأبعاد النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وهو نبع عن وعي ودراسة علمية ومهنية معمقة تمكنه من تحديد الاحتياجات الحقيقية والمتنوعة للأفراد والجماعات المتضررة بدقة.
• قدرة الاخصائي على بناء جسر الثقة والتواصل الفعال مع المستفيدين فهو يمثل حلقة وصل حيوية بين المستفيدين والمؤسسات الإنسانية، بمهارات التواصل والاستماع الفعال التي يمتلكها، يستطيع بناء علاقات ثقة متينة مع الأفراد، مما يسهل عملية تقديم الدعم والمساعدة بشكل فعال ومناسب ومنظم، ويعزز التعاون بين جميع الأطراف المعنية، فعلى سبيل المثال خلال أزمة نزوح في غزة، استطاع لأخصائي اجتماعي بإنصاته المتعاطف أن يكشف عن احتياجات خفية لا تظهر في الاستبيانات الرسمية، ونجح في بناء جسرًا من الثقة مع النازحين والمتضررين سمح بتقديم الدعم النفسي الأولي الضروري.
• يمتلك الأخصائي الاجتماعي ترسانة من أدوات وتقنيات التدخل المهني المتخصصة التي تمكنه من التعامل مع طيف واسع من القضايا المعقدة، بدءًا من الدعم النفسي الأولي، وإدارة الأزمات، وصولًا إلى حماية الأطفال، ومكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتأهيل الاجتماعي، ومواجهة المشكلات وتعزيز المواءمة، والتكيف، والتعايش، وصولًا إلى دفع عجلة التغيير الإيجابي في مواجهة التحديات والأزمات.
• يؤدي الأخصائي الاجتماعي دورًا محوريًا في تنسيق الجهود بين مختلف الجهات الفاعلة في المجال الإنساني، بهدف توحيد العمل وتكامله، ولديه القدرة على تحويل الحالات التي تتطلب تدخلًا متخصصًا إلى الجهات المعنية بكفاءة، مما يضمن حصول المستفيدين على دعم شامل ومتكامل يلبي احتياجاتهم المتنوعة، فهو قائد التنسيق والتكامل بالعمل.
• يمثل الاخصائي الاجتماعي صوت من لا صوت له وذلك انطلاقًا من رسالته الإنسانية وطبيعة عمله، فهو غالبًا ما يكون صوتًا للفئات الأكثر ضعفًا وتهميشًا في سياقات العمل الإنساني، ويعمل بجد للدفاع عن حقوقهم، ويوجه ويدعم تشكيل أطر ونقابات تمثيلية وجماعات ضغط تدافع عن مصالحهم وتسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية.
• يسعى الأخصائي ضمن مهامه الأساسية، إلى تمكين الأفراد والجماعات في مواجهة الصعوبات والتحديات بشكل مستقل ومستدام على المدى البعيد، فدوره لا يقتصر على تقديم المساعدة الآنية، بل يمتد ليشمل التمكين وبناء القدرات وتعزيز الاعتماد على الذات. وعلى سبيل المثال، يمكن للأخصائي الاجتماعي محفز للاستقلالية والاستدامة من خلال العمل مع مجموعة من النساء النازحات في مخيمات الايواء على تطوير مهارات حرفية تساعدهن وتمكنهن من إعالة أسرهن، بدلًا من الاعتماد الدائم على المساعدات.
وانطلاقًا مما تقدم، فإن فعالية الدور المهني والإنساني للأخصائي الاجتماعي تعتمد بشكل كبير على وجود بيئة عمل داعمة، على أن تتضمن هذه البيئة توفير الموارد الكافية، وتحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح، وتطبيق السياسات والإجراءات المناسبة، وضمان التنسيق الفعال بين جميع الأطراف المعنية، والأهم من ذلك، إصدار تشريعات تنظم طبيعة العلاقة المهنية للأخصائي الاجتماعي، وسبل مزاولة المهنة، واليات الرقابة والمتابعة لتحسين جودة الخدمات والتدخلات المهنية في إطار العمل الإنساني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.