شيماء إبراهيم تكتب | مصر تتحدث بلسان الأمة

0

في قمة عربية استثنائية، حملت بغداد في دورتها الرابعة والثلاثين صوتًا قويًا من قلب القاهرة، حين ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة تاريخية، وجسّدت موقفًا قانونيًا وسياسيًا صارمًا في مواجهة الاحتلال، ورسالة تضامن صادقة مع قضايا الأمة المصيرية.

شدد الرئيس السيسي على أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة جرائم ممنهجة تستهدف الطمس والاقتلاع، ولا تُبررها أي ذرائع أمنية. وقد وصفها بدقة بأنها “تجويع وقهر وقتل على الهوية”، في تشخيص واضح لواقع يخرق مبادئ القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المدنيين واستخدام الحصار كسلاح.

ولم يكتفِ الرئيس بالإدانة، بل جدد تمسك مصر بحل الدولتين، مؤكدًا أن السلام العادل لن يتحقق إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. كما شدد على أن “حتى لو نجحت إسرائيل في تطبيع علاقاتها مع جميع الدول العربية، فإن السلام العادل لن يتحقق إلا بوجود دولة فلسطينية مستقلة”.

كما أكد استمرار مصر في جهود الوساطة وفتح الممرات الإنسانية، بما يعكس مركزية الدور المصري في الدفاع عن الأمن القومي العربي. وقد أرسى بذلك مبدأً واضحًا مفاده أن مصر لا تنفصل عن قضايا الأمة، ولا تتعامل مع النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي من منظور إنساني فقط، بل كقضية وجودية.

وفي إشارات ذات دلالة، تناول الرئيس السيسي أوضاع بعض الدول العربية مثل السودان وسوريا وليبيا واليمن، داعيًا إلى تسويات سياسية تُنهي معاناة الشعوب وتحفظ وحدة الدول. ويجدد هذا الطرح التأكيد على أن الأمن العربي مترابط، وأن هذه النزاعات تمثل تهديدًا جماعيًا لا يُمكن التغلب عليه إلا بوحدة الرؤية وصلابة الإرادة.

وقد جاءت الكلمة موجهة للعالم بقدر ما هي موجهة للعرب، حاملة في طياتها رسالة صريحة مفادها أن التخاذل الدولي لن يُغير من الموقف المصري، وأن العرب إن لم يتحركوا اليوم، فسيواجهون مصيرًا مشتركًا من التفكك والعجز.

لقد كانت كلمة الرئيس السيسي في قمة بغداد ليست مجرد خطاب رسمي، بل شهادة تاريخية على ثبات الموقف المصري، ودعوة لإعادة بلورة المصير العربي على أسس من السيادة والعدالة والكرامة. إنها دعوة للتاريخ أن يُنصت، وللضمير العربي أن يستيقظ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.