تُعد اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية لها حجر الزاوية في القانون الدولي الإنساني، وهي تشكّل الأساس القانوني لحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة. في سياق الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، برزت هذه الاتفاقيات كمصدر جدل قانوني وسياسي حول مدى التزام إسرائيل بتطبيق قواعد الحماية الواردة فيها.
تنص اتفاقية جنيف الرابعة بوضوح على حماية المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، وتحظر النقل القسري للسكان، والاستيطان في الأراضي المحتلة، والعقاب الجماعي. ومع ذلك، تشير الوقائع الميدانية إلى انتهاكات متكررة لهذه المبادئ، وهو ما أثار تساؤلات حول فعالية آليات الإنفاذ الدولي.
رغم إدانة المجتمع الدولي للسياسات الإسرائيلية، لا تزال أدوات الضغط القانوني محدودة وغير فعالة، ويرجع ذلك جزئياً إلى التسييس الذي يعرقل عمل المؤسسات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن. كما أن غياب الإرادة السياسية لدى بعض الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة، يعوق تفعيل المساءلة.
في المقابل، برز دور محكمة العدل الدولية وتقارير مجلس حقوق الإنسان في توثيق الانتهاكات، إلا أن تأثيرها بقي رمزيًا في ظل غياب إجراءات ملزمة. في هذا السياق، يصبح التحدي الأساسي هو تحويل النصوص القانونية إلى أدوات فعلية تردع الاحتلال وتحمي المدنيين.
إن حالة الأراضي الفلسطينية المحتلة تُعد اختبارًا حاسمًا لمصداقية القانون الدولي الإنساني، وتطرح سؤالًا جوهريًا: ما قيمة القواعد القانونية إذا عجز المجتمع الدولي عن ضمان احترامها