شيماء إبراهيم تكتب | 30يونيو: إرادة شعب ومسار إنقاذ

0

تحل علينا ذكرى 30 يونيو كأحد أبرز الأيام المفصلية في تاريخ مصر المعاصر، حيث خرج الملايين من المصريين في مشهد مهيب، يعبّر عن وعي شعبٍ رفض أن يُختطف وطنه، وقرر أن يصنع مستقبله بإرادته الحرة. لم تكن تلك المظاهرات مجرد احتجاج عابر، بل كانت تعبيرًا صارخًا عن رفض حكم، لم يُلبِ تطلعات الجماهير، وأراد أن يحوّل الدولة المصرية إلى رهينة لأجندات خارجية وأفكار إقصائية، تتنافى مع طبيعة الدولة الوطنية.

لقد أدرك الشعب المصري، بكل فئاته، أن مشروع اختطاف الدولة باسم الدين يمثّل خطرًا على الهوية الوطنية، وعلى مؤسسات الدولة وعلى استقرار البلاد. فكانت ثورة 30 يونيو، نقطة تصحيح للمسار، استجاب لها الجيش المصري، بقيادته الوطنية، وانحاز إلى صوت الشعب، كما فعل في كل اللحظات الفارقة من تاريخ الأمة.

ولا يمكن في هذه الذكرى تجاهل التحديات الجسيمة، التي واجهتها الدولة بعد 30 يونيو؛ من خطر الإرهاب الذي حاول تقويض الأمن، إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية. إلا أن الإرادة السياسية التي وُلدت من رحم هذه الثورة، استطاعت أن تواجه تلك الأزمات برؤية تنموية شاملة، وضعت مصر على طريق الإصلاح والبناء.

فمنذ 30 يونيو، انطلقت الدولة المصرية نحو مشروعات قومية كبرى في البنية التحتية والطاقة والنقل، إلى جانب جهود واضحة في استعادة دور مصر الإقليمي والدولي، وتحقيق قدر من الاستقرار السياسي والأمني، وهو ما أتاح مناخًا داعمًا للإصلاح.

وتأتي ذكرى 30 يونيو كل عام لتذكّرنا بأن الشعوب الحيّة لا تُهزم، وأن الاستقرار لا يعني الجمود، بل يعني القدرة على التغيير في الوقت المناسب، وإصلاح المسار حين يحيد عن الطريق الصحيح. وهي كذلك مناسبة للتأكيد على أن المشاركة الشعبية الواعية، والممارسة السياسية الناضجة، هي الضمانة الحقيقية لحماية الدولة وصون مقدّراتها.

إن 30 يونيو، لم تكن نهاية طريق، بل كانت بداية مرحلة جديدة من الوعي الوطني، تستوجب الاستمرار في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وتعزيز الديمقراطية، واحترام التعددية، والعمل الجاد من أجل مستقبل يتّسع للجميع.

رحم الله شهداء الوطن، ودامت مصر قوية بإرادة شعبها، ووعي شبابها، وصلابة مؤسساتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.