في الآونة الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة مقلقة تحمل ملامح جديدة من النصب المنظم، تتخفى خلف واجهات تبدو قانونية ومحترفة، وتستغل رغبة المواطنين في اقتناء السيارات، لا سيما الألمانية منها، بأسعار تبدو مغرية لكنها في الحقيقة مجرد طُعم.
فقد ظهرت شركات وهمية تدّعي قدرتها على استيراد سيارات من الخارج بأسعار تقل بشكل كبير عن السعر الحقيقي في السوق، وأحيانًا بعشرات أو مئات الآلاف من الجنيهات، مستغلة بذلك الفجوة بين الطموح والواقع، والضغوط الاقتصادية التي تدفع كثيرين إلى التعلّق بأي فرصة تبدو كأنها “صفقة العمر”.
يقوم النصابون بعرض إعلانات جذابة على السوشيال ميديا، ويتواصلون مع العملاء من خلال فتيات مدربات بعناية لإقناع الضحايا بجدية العروض، مع تقديم عقـود تبدو متقنة الصياغة. وبعد التوقيع ودفع مبالغ ضخمة، تبدأ المماطلة والتسويف:
ارتفعت الجمارك، تغيّر سعر العملة، هناك تأخير من الميناء و ووو إلى أن يُطلب من المواطن دفع فروق إضافية لإتمام التعاقد، وإلا يضيع ما دفعه.
وقد تم تحرير عدد من المحاضر في الآونة الأخيرة من ضحايا هذه العمليات، تحديدًا في وقائع تتعلق بشراء سيارات ألمانية، ما يُظهر أن الظاهرة لم تعد مجرد استثناء، بل نمط احتيالي بدأ يتكـرر بطرق شبه ممنهجة.
وهنا، نقف أمام سؤالين لا بد من مواجهتهما:
أين دور الدولة؟
نحتاج إلى تحرك عاجل من الجهات الرقابية والتنفيذية، لتقنين هـذا النوع من المعاملات داخل إطار رسمي واضح، يُخضع تلك الشركات لمعايير قانونية دقيقة، ويمنح المواطن آلية سريعة وفعّالة للإبلاغ واسترداد الحقوق. كما يجب أن تتوسع صلاحيات جهاز حماية المستهلك لتشمل الرقابة على الإعلانات التجارية الرقمية.
وأين وعي المواطن؟
لا بد من التوقف عن اللهاث وراء “العروض السحرية”، وعدم تسليم الأموال لشركات مجهولة لا تحمل تراخيص واضحة ولا تاريخًا تجاريًا معروفًا ، الحـذر ليس ضعفًا، بل وعي يحمي ما تبقّى في جيوب الناس من أمل وثقة.
في النهاية، الاستيراد الحقيقي لا يُعلن عنه في إعلان ممول على فيسبوك، ولا يتم التعاقد فيه عبر رقم واتساب.
ونحن، كأصحاب رأي ومواطنين، نناشد الجميع –مؤسسات وأفراد –بالتحرك لكسر هذا النمط المتكرر، وتجفيف منابعه، حفاظًا على أموال الناس، وهيبتهم، وثقتهم في السوق والقانون.