د.معاذ كيشار يكتب | الصحة لا تقدر بثمن

0

في عصر أصبحت فيه الصحة من أغلى ما يملك الإنسان، بدأت مصر تخطو بثقة نحو إعادة تعريف مفهوم “العلاج الطبيعي”، ليس فقط كوسيلة لتحسين الحركة أو تخفيف الألم، بل كاستراتيجية وطنية لبناء إنسان قادر على العطاء، مجتمع يتمتع بالنشاط، ودولة تضع صحة مواطنيها في قمة أولوياتها.

لم يعد العلاج الطبيعي كما كان قبل سنوات: خدمة نادرة تقتصر على بعض المراكز الخاصة أو المستشفيات الكبرى. اليوم، ومع التوسع في مشروعات التأمين الصحي الشامل، وتطوير البنية التحتية الطبية، أصبح العلاج الطبيعي جزءًا لا يتجزأ من منظومة الرعاية الصحية الجديدة.

الحكومة المصرية، وفي ظل رؤية 2030 التي تركز على تحسين جودة الحياة للمواطن، لم تغفل عن أهمية هذا المجال الحيوي. فبدأت بإنشاء مراكز متخصصة للعلاج الطبيعي في عدد من المحافظات، ودمجه ضمن برامج العلاج لكبار السن، الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والمصابين بالإعاقات الحركية، لتكون هذه الخدمة متاحة لكل من يحتاجها دون تمييز.

ليس هذا فحسب، بل شهدنا أيضًا دعمًا حقيقيًا للكوادر البشرية، من خلال تطوير البرامج الأكاديمية في الجامعات، وتدريب الآلاف من أطباء العلاج الطبيعي والممارسين على أحدث الأساليب العالمية، مما ساعد على رفع كفاءة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين.

العلاج الطبيعي اليوم في مصر ليس مجرد خطوة علاجية، بل هو استثمار طويل الأمد في صحة الإنسان، وحلقة وصل بين الطب الوقائي والطب التأهيلي. وهو ما يساهم بشكل كبير في تقليل الاعتماد على المسكنات والممارسات الدوائية المفرطة، ويمنح الجسم فرصة للشفاء بطبيعته وبإشراف طبي مدروس.

ورغم التحديات التي ما زالت قائمة، مثل الحاجة إلى زيادة عدد المراكز وتوزيعها في كل المناطق، وتوعية المواطنين بأهمية هذا النوع من العلاج، إلا أن الدولة تسير بخطوات ثابتة نحو هدف واضح: ضمان حصول كل مواطن على حقه في حياة صحية كريمة.

فالصحة ليست رقمًا في تقرير اقتصادي، ولا بنداً في الموازنة العامة، هي أساس كل شيء. ومن هنا يأتي دور الدولة في الاستثمار الحقيقي فيها، ليس فقط ببناء المستشفيات، بل بتوفير خدمات علاجية تعيد للإنسان حركته، كرامته، وحياته الطبيعية.

مصر تبني مستقبلًا بلا إعاقات، بلا آلام، وبلا تهميش… لأن صحة المواطن هي أساس النهضة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.