محمد أحمد الغريب يكتب | الوجودية في السينما

0

في كثير من الاحيان تعتبر السينما شكل من اشكال الترفية. ولكن هذا لا يعني أن الأفلام لا تستطيع ان تهتم ببعض الأمور الجادة للحياة. ولا يوجد اكثر جدية من موضوع الوجود. وقد يكون الفيلم الوجودي من الصعوبة تعريفه، ولكنه مهم بشكل كبير لدفع الجمهور للتفكير والأهتمام حول موضوع الحياة والموت والوجود.
ويجب البدأ في تصنيف وترتيب الأفكار المعقدة حول الوجودية في السينما، وكيف للوجودية في السينما أن تبدو، وفي هذا المقال سنبحث عن إجابة هذه الأسئلة. بينما الوجودية ممكن تجعلك تقترب من معني الحياة، المقال لن يتركك تقترب من السينما الوجودية بسهولة.
في حقل الفلسفة، الوجودية اسئلتها حول معاني الوجود الإنساني، والمعاني حول الحياة والموت. وفي العالم حيث مقولة ” الالة قد مات” تختلف الوجودية مع حديث مزعج بأننا نكون مجرد مجموعة من البشر موجودين علي صفحات كبيرة تطفو خلال كون عدمي.
أشكاليات السينما الوجودية
وهذا الموضوع يثير كثير من الأشكاليات، منها 1-الفرق بين الجماليات الوجودية، والفلسفة الوجودية، ( الجماليات تعني تأثير الأفكار الوجودية علي الجماليات في الفيلم ). 2- الاشكالية الثانية تتعلق بالفرق بين نوعين من الفلسفة الوجودية، الوجودية للانسان، والوجودية الماهوية بمعني وجود الأنسان في الكون. 3- الاشكالية الثالثة الفرق بين الوجودية المؤقتة وممثلهم ( جبرائيل مارسيل، كيركيجارد)، والوجودية الحرة الممثلة في ( سارتر وكامي).
الإنفعال الوجودي والفيلم
ومسألة الانفعال والحرية مفهومين وجوديين ( حيث تظهر الوجودية بالانفعال وهي مثل ذلك عند كيركجور) هي أن الحقيقة انفعالية. وهذه الطبيعة الانفعالية للوجودية تأتي في زخم السينما حول صفاتها الانفعالية والشعورية، فينفعل دائما الجمهور مع الفيلم والصورة.
انواع الوجودية في السينما
هناك فرق في الفلسفة الوجودية بين اتجاهين: الاتجاه الاول: الماهوي الذي ينظر إلي الأنسان في حدود طبيعته الماهوية داخل الكمون ككل وهو الاتجاه الكلي والكينونة الوجودية، والوجود ككل، ويمكن أن نسميها الوجودية الماهوية، والاتجاه الثاني الوجودية التي تنظر إلي الإنسان في معضلته في الزمان والمكان وتفسير الصراع بينهم والانسان والوجود وهي تعني الاخيرة هي الفلسفة الوجودية في اشهرها المعروفة .
وفي السينما نري هناك تواجد لهذين الاتجاهين ومتحققين ولكن الأكثر قرباً للشاشة الكبيرة والانطلاق خاصة ان السينما جماهيرية وفن يمس الأنسان في داخله وكل تفاصيليه اليومية، نري ان الفلسفة الوجودية الاتجاه الثاني هو الاكثر حضورا في السينما وتعبيراً عن الأنسان، وحيث يعبر عن مأزق الأنسان نفسه في الزمان والمكان تجريداً نسبيا عن الوجود كله والكينونة في العالم، فمثلاً افلام محمد خان تتعلق بالحياة اليومية والمشاكل المعاصرة للأنسان ومنها فيلم الحريف الذي اثار ازمة وجودية لفارس الذي يحاول يعيش الحياة بتمرد عن طريق ممارسة الكرة الشراب وترك العمل وروتين الحياة الزوجية.
سارتر والسينما
وفقا لسارتر حول المسألة الوجودية الظاهراتية حول الوعي والجماليات والفن ودورها في تفعيل المعني في العالم يمكننا القول بوجود شرطية لحضور المعني في الفن والسينما وعلاقة ذلك بالجماليات، والمعني يحيلنا الي جدلية حول ضرورته في العمل الفني أو الفيلم وحتي إذا كان كان بشكل غير مباشر او يتحول مسار علاماتي ذو تأويل متعدد حتي يتحدد الفيلم أو العمل الفني بأطار المعني.
ففي الفيلم إذا أراد أن يكون عملاً جمالياً عليه أن يتجه إلي المجاز أو التأويل المتعدد، ليكون الفيلم كائن جمالي غير مرتبط بمعني محدد أو حدث درامي وقصة محددة واحدة مع أهمية الوجود دون المباشرة والتحديد والضرورة.
وبعد توضيح مسألة المعني في الفيلم أو العمل الفني، نرجع إلي سارتر الذي أوضح نقطة مهمة وهي أن هناك عمدية وقصدية في العمل الفني بوعي حول العمل أو الوصول إلي علاقة مع الوجود أو الواقع والمعني بخلاف حسب سارتر بعدم وجود هذه العمدية في الموقف الطبيعي حيث يحدث ذلك دون وعي الفاعل ( في شكل إدراك طبيعي، المعرفة الشعبية والعلمية).
وحيث نري بعض الأفلام وهي الافلام المعقدة والتي تتداخل بمناحي الفلسفة وعلم النفس والجماليات ووجود ايضا مشقة في التلقي والفهم والاستمتاع وتتضمن الرجوع اليها مرة اخري والتأويل المتعددة، مثل افلام مخرجين تاركوفسكي وبيلاتار، وجودار وماركو بيلوتشيو والكسندر دوفجنكو.
انواع الافلام والوجودية
ولكن هنا توجد نقطة مهمة أن مستويات تجلي المعني والجميل لا يقتصر علي هذه النوعية التي تدعو إلي التأمل وتتصف بالجماليات الصعبة ولكن هناك مستويين أخريين من الأفلام تتضمن جماليات وجودية وأبعاد للمعني في العالم للفرد، المستوي الأول هو الأفلام التي تنتبه الي المعني والسرد الجيد وعدم التجاري مثل افلام فرنسيس كوبولا والأمريكي كريستوف نولان وهو موجود أكثر في المدرسة الأمريكية وموجود في السينما الأوروبية حيث يتميز هذا النوع بشاعرية وجماليات اقل من النوعية الفلسفية المحضة والمتعة البصرية والتأملية الأقل.
وهناك النوع الاخير وهو التجاري المعتمد علي التشويق ويوجد به للعلم معاني للوجود ولكن بشكل اقل واخف وايضا مناحي للشعرية والجمالية والفلسفية والتأملية، حيث لا يوجد عمل فني أو فيلم او سينما لا يحمل بعداً من هذه الابعاد او درجة من درجاته، فأفلام الأكشن والحركة والجريمة والرعب لو تأملتها جيداً سنجد فكرة البطل والأسطورة التي تحمل معني البطولة والوجود وايضا الصراعات الاجتماعية ولكن ليس بعمق ويوجد بعض الأفلام من هذا المستوي مثل فيلم ” الفرن” المصري بطولة يونس شلبي واخراج ابراهيم عفيفي واصدر عام 1984، ورغم انه تجاري الا هناك فلسفة البحث عن الحق، وأشكالية العدالة والقوي والضعيف في الوجود والحياة.
الخلاصة
وحسب الفلسفة الوجودية فأن الوجود الأنساني لا يقتصر علي أنه موجود أو معرفة جوهرية بذلك، أنما علي الاستفادة منذ هذا الوجود وذلك يعني المشاركة الفعالة ومفهوم الحرية ( مصدر الحكمة)، والفكر الوجودي هو أقرب الفلسفات إلي السينما والخطاب الفكري والتصورات الكلية وذلك في العديد من الأفلام العالمية والعربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.