محمد الكاشف يكتب | علي خطى رجل الحرب والسلام

0

إن اليوم يهل علينا الذكري الثانية والخمسين علي الإنتصار الساحق الذي حققه “الجيش المصري” علي “الجيش‌
الإسرائيلي” وغير مسار اللعبة لصالح مصر و القضاء علي هيمنة وسيطرة الغرب علي الشرق الأوسط و وجود‌
منافس شرس في المنطقة وإستعادة الأمة الجريحة شرفها بعد أن أصبح لها درع وسيف وإستعادة مصر أرضها حرباً‌
وسلاماً و‌
منذ أن أطلق المصريون على الرئيس الراحل محمد أنور السادات لقب ‌‌“رجل الحرب والسلام”‌‌، فقد ارتبط هذا اللقب‌
في الوعي الجمعي المصري والعربي بمعادلة نادرة تجمع بين ‌‌الشجاعة في مواجهة التحديات العسكرية‌ و‍‍الحكمة في‌
صناعة السلام والتنمية‌‌. واليوم، وبعد مرور عقود على رحيل السادات، يجد المصريون أنفسهم أمام تجربة سياسية‌
جديدة تحمل أوجه شبه واضحة مع تجربة بطل أكتوبر، متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي.

السادات‍‍… رجل‌‌ ‌‌الحرب والسلام

قاد السادات مصر في واحدة من أعقد المراحل التاريخية. فقد استطاع أن يحقق ‌‌الانتصار العسكري في حرب أكتوبر‌
١٩٧٣‌ م ‌‌، مستعيدًا للأمة العربية كرامتها وهيبتها، ثم اتخذ قرارًا مصيريًا بالاتجاه نحو ‌‌السلام مع إسرائيل‍‍، في‌
خطوة اعتبرها كثيرون مغامرة لكنها غيّرت موازين القوى في المنطقة، وأعادت لمصر استقرارها بعد سنوات من‌
الاستنزاف. كان السادات رجلًا إمتلك الجرأة ليخوض الحرب حين كان لا بديل عنها دون تراجعٍ أو إستسلام ، ثم‌
إمتلك نفس القدر من الشجاعة ليخوض السلام حين أصبح ضرورة.

السيسي‍‍… في دحر‌‌ ‌‌الإرهاب وبناء الجمهورية الجديدة

و بعد عقود قد مضت ، واجهت مصر تهديدًا وجوديًا من نوع آخر . فمع صعود” جماعة الإخوان المسلمين”
ومحاولاتها العتية في‌‌ ‌‌إسقاط الدولة الوطنية ، خاض الرئيس عبد الفتاح السيسي حينما كان وزيراً للدفاع‌‌ ‌‌حربًا‌
ضروس ضد الجماعة وبعدما إعتلي الحُكم إستكمل مسيرة العطاء والحفاظ علي مقدرات دولتنا ومكتسبات شعبنا في‌
حرب أخري أكثر شراسة ولكن هذه المرة في الداخل وهذا ما جعل العملية أكثر صعوبة وتعقيداً مما جعله أن يواجه‌
الإرهاب بكل شراسة وحسم ، و بذلك مؤكدًا أن ‌‌حماية الوطن واستقراره خط أحمر‌‌. و أتي ذلك بالتزامن مع تثبيت‌
أركان الدولة الوطنية ،‌‌ ‌‌وقد اتجه السيسي إلى معركة أخرى لا تقل أهمية: ‌‌معركة التنمية والبناء‌‌.
حيث أطلق عشرات المشروعات القومية العملاقة، من قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية تارةً ، إلى شبكات‌
الطرق والإسكان ومبادرة “حياة كريمة ”‌ ‌ووثيقة “رؤية‌ ‌مصر”‌ ‌٢٠٣٠‌ م‌‌ ‌‌تارةً أُخري ، في محاولة لتغيير وجه‌
مصر الإقتصادي والإجتماعي. وعلى الصعيد الخارجي، أعاد لمصر مكانتها كلاعب محوري في قضايا المنطقة‌
والعالم وعلي رأسها‌ ‌”القضية الفلسطينية “، مستعيدًا سياسة التوازن والاحترام الدولي.
الموقف‌ من القضية الفلسطينية… خيط آخر للتشابه
إنّ القضية الفلسطينية لم تكُن بعيدً عن مسيرة اي من القائدين فإن ‌‌أنور السادات‍‍، رغم توقيعه” مُعاهدة السلام” كامب‌
ديفيد عام ‌‌١٩٧٨‌‌م ، أصر علي أن أي سلام شامل لا بد أن يتضمن ‌‌حلًا عادلًا للقضية الفلسطينية‍‍، وهو ما أكد عليه‌
في خطابه الشهير في الكنيست الإسرائيلي، حينما دعا إلى الإعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة‌
دولته المستقلة تكون عاصمتها القدس الشرقية ومن ناحية أخري قام الزعيم “‌‌عبد الفتاح السيسي”‌ بدوره‌
الإستراتيچي بجعل‌‌ ‌‌القضية الفلسطينية في صدارة تحركاته الخارجية. فقد أكد في كل المحافل الدولية أن ‌‌السلام لن‌
يتحقق دون دولة فلسطينية مستقلة على حدود ‌‌١٩٦٧‌ م‌‌ ‌‌وعاصمتها “القدس الشرقية”‌‌. كما لعبت مصر دورًا‌
محوريًا في ‌‌وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل‌ في أكثر من جولة تصعيد، وكان آخرها خلال‌
حرب غزة الأخيرة، حين تدخلت

“القاهرة “لإحتواء الموقف وحماية المدنيين بدورها كوسيط مؤثر في هذه الحرب والسعي علي تحقيق السلام الشامل‌
والعادل للشعب الفلسطيني والوطن العربي‌‌ ‌‌، وفي آخر خطاب “للرئيس السيسي “خلال مؤتمر القمة العربية_‌
الإسلامية الطارئة “بالدوحة “، أدان بشكل واضح ‌‌العدوان الإسرائيلي السافر على غزة وإستهداف الشعب الأعزل‍‍،‌
مؤكدًا أن مصر لن تتخلى عن دورها التاريخي في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ورفض سياسات القتل والتجويع‌
والتهجير القسري‌‌ ‌‌فإن هذا التلاقي في المواقف يعكس أن مصر، على اختلاف عصورها وتغير قياداتها، تظل‌
الركيزة الأساسية في دعم الحقوق الفلسطينية‌ والسعي لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
أوجه‌ التشابه .. بين الرئيسين‌
فإن كلا الرئيسين قد واجها ‌‌لحظات مصيرية تهدد بقاء الدولة‌ و كلاهما آمن بأن ‌‌الحرب ضرورة حين يتعلق الأمر‌
بكرامة الوطن‍‍، لكن السلام والتنمية هما الطريق لصياغة الحاضر وصناعة المستقبل وأن أحلام الشعوب لا تسقط‌
أبداً بالتقادم ، والكُل يعلم القاصي والداني بأن كلاهما تحمل قرارات صعبة أثارت الجدل في وقتها، لكنها صنعت‌
التحول التاريخي لمصر فكلاهما أكد أن ‌‌القضية الفلسطينية‌ ليست مجرد ملف إقليمي، بل قضية وجودية ترتبط‌
بالأمن القومي المصري، وكل هذه الأحداث تدل علي أن الرئيس السيسي يسير علي خطي أجداده الأبطال وإنه‌
سيحصل علي جائزة ” نوبل “في “السلام” لما حققه من إنجازات سابقة لعصره وأوانه في إدارته لأكثر‌‌ ‌‌الملفات‌
الإقليمية تعقيداً‌
و ختاماً‌‌ .. ‌‌إن المُتأمل في التجربتين يدرك أن مصر دائمًا ولادة تُرزق بقادة يظهرون في لحظات الشدة. السادات‌
حارب ليستعيد الأرض وصنع السلام ليستعيد الاستقرار. والسيسي حارب الإرهاب ليستعيد الدولة الوطنية ، ثم أطلق‌
مشروعًا لبناء ” الجمهورية الجديدة”. وبين الحرب والسلام، تظل مصر هي الهدف الأسمى والغاية الكبرى، وتظل‌
القيادة الحكيمة الشجاعة هي العامل الحاسم في صناعة التاريخ فحفظ الله مصر وشعبها الأبيّ العظيم .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.