مديحة عاشور تكتب | المتحف.. مصر تكتب فصلًا جديدًا

0

 من قلب الجيزة، حيث تتعانق الأهرامات مع شمس الحضارة، شهد العالم ميلادًا جديدًا للتاريخ في ليلةٍ أضاءت سماء مصر بالفخر والجمال. هناك، وقف الزمن مبهورًا أمام مشهد افتتاح المتحف المصري الكبير، الحدث الذي جسّد عبقرية الإنسان المصري وقدرته على أن يُعيد كتابة التاريخ بلغةٍ تليق بعظمة الأجداد.
تحوّل محيط المتحف إلى احتفالية عالمية تخطف الأنظار، شارك فيها قادة وزعماء من مختلف دول العالم، يتقدّمهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب ملك هولندا ويليام ألكسندر، والملك فيليبي السادس والملكة ليتيزيا من إسبانيا، والرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، وعدد من الوفود الرسمية والثقافية من أكثر من ٧٩ دولة.
كانت الليلة أشبه بملحمة حضارية؛ موسيقى الأوركسترا المصرية تعانق ضوء الأهرامات، والعروض الراقصة تروي رموز الحضارة الفرعونية بأسلوبٍ عصري، لتُحوّل المكان إلى سيمفونيةٍ بصرية تُجسّد روح مصر التي لا تعرف الفناء.
لم يكن الافتتاح مجرد تدشينٍ لمتحف، بل كان إعلانًا رمزيًا عن استمرار رسالة مصر الحضارية، ورسالة سلامٍ ومحبةٍ إلى العالم بأن أرض الفراعنة ما زالت تنبض بالحياة وتحتضن التاريخ بكل ما فيه من عظمة وجمال.
انهالت الإشادات من كبريات الصحف ووكالات الأنباء العالمية؛ فوصفت صحيفة The Times البريطانية المتحف بأنه “المنزل الفخم لكنوز مصر”، بينما قالت Le Monde الفرنسية إنه “تحفةٌ معمارية تعيد صياغة المشهد الثقافي في المنطقة”، فيما أكدت الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) أنه “جسرٌ يربط بين الماضي والحاضر ويُلهم المستقبل”.
يضم المتحف بين جدرانه أكثر من ٥٠ ألف قطعة أثرية، من أبرزها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة في مكان واحد. وقد صُمم المتحف على مساحةٍ تمتد لنصف مليون متر مربع على مقربةٍ من الأهرامات، في تناغمٍ فريد بين عظمة الماضي ورؤية المستقبل.
واختُتمت الليلة التاريخية بعروضٍ ضوئيةٍ خلّابة تلوّنت فيها سماء الجيزة بألوان العلم المصري، لتؤكد مصر للعالم أن الحضارة لا تُروى في الكتب فقط، بل تُكتب على أرضها كل يومٍ بيد أبنائها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.