أحمد الأشعل يكتب | المتحف.. دولة لا تعرف التراجع

0

من قلب القاهرة، ومن أمام بوابة التاريخ المفتوحة على مصراعيها، تقف مصر اليوم شامخة، تُعيد إلى الذاكرة لحظة ولادتها الأولى حين كانت مركزًا للحضارة ومصدرًا للنور والمعرفة.

افتتاح المتحف المصري ليس حدثًا أثريًا عابرًا، بل هو إعلان واضح بأن الدولة المصرية استعادت وعيها الكامل بذاتها، وأنها عادت لتحتل مكانها الطبيعي في مقدمة الأمم، قائدة لمنطقتها وملهِمة لشعوبها.

لم يكن المتحف المصري مجرد مبنى أثري أو مخزنًا لقطعٍ قديمة، بل كان وما زال مرآةً لهوية مصر، ورمزًا لروحها الممتدة عبر الزمان. هو شاهد على عبقرية الإنسان المصري، وعلى إصراره أن يخلّد فنه وإيمانه وعلمه في حجرٍ لا يشيخ.

واليوم، حين تُعيد الدولة افتتاح هذا الصرح العظيم في ثوبه الجديد، فإنها لا تكتفي بترميم جدران الماضي، بل تُرمم ذاكرة الأمة وتُعلن أن من صنع التاريخ أول مرة… قادر على كتابته من جديد.

لقد عرفت مصر طريقها عبر قرون طويلة، واجهت الصعاب وتجاوزت العواصف، لكنها لم تنكسر يومًا. لأنها ببساطة دولة خُلقت من أجل البقاء، ووُجدت لتقود لا لتتبع.

وحين نرى المتحف المصري اليوم يفتح أبوابه أمام العالم في مشهد حضاري مهيب، فإننا لا نرى حدثًا ثقافيًا فقط، بل نرى انعكاسًا لروح الجمهورية الجديدة التي تؤمن بأن الماضي ليس عبئًا، بل طاقة تُضيء الطريق إلى المستقبل.

الجمهورية الجديدة التي شقّت طريقها تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لم تولد من فراغ، بل من رؤيةٍ وطنيةٍ عميقة تؤمن بأن التنمية ليست في البنيان فقط، بل في الإنسان والهوية والذاكرة.

فكل مشروعٍ وطني، وكل مدينة جديدة، وكل طريق يُشقّ في الصحراء، هو استمرار لمعنى واحد: أن هذه الأمة تعرف من أين بدأت، وتعرف تمامًا إلى أين تمضي.

مصر في جمهوريتها الجديدة ليست دولة تبحث عن دور، بل دولة تستعيد دورها الطبيعي في قيادة المنطقة وصياغة مستقبلها.

هي الدولة التي علّمت العالم معنى الحضارة، وتُعيد اليوم تعريف معنى القيادة، قيادةٍ تجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين التاريخ والرؤية، بين الماضي والمستقبل.

ومن بين جدران المتحف المصري، تخرج رسالة خالدة إلى العالم: أن مصر لا تُقاس بحجمها الجغرافي، بل بثقلها الحضاري والإنساني، وأنها ستظل صاحبة الريادة الفكرية والثقافية في محيطها العربي والإقليمي.

إن افتتاح المتحف المصري في هذا التوقيت بالذات يحمل دلالاتٍ عميقة.

فبينما تنشغل بعض الدول بالصراعات والتجاذبات، تنشغل مصر ببناء وعي أمتها، وترسيخ هويتها، واستعادة صورتها كقوةٍ ناعمةٍ تُضيء الطريق لمن حولها.

إنه مشهد يختصر فلسفة الجمهورية الجديدة: أن البناء لا يكتمل بالطوب والإسمنت فقط، بل بالثقافة، بالوعي، وبحفظ الذاكرة التي تصنع الانتماء.

اليوم، ونحن نُشاهد هذا الافتتاح العظيم، لا يسعنا إلا أن نشعر بالفخر والامتنان، لأننا نعيش زمنًا تُعيد فيه مصر كتابة تاريخها بيدها، وتُعلن أمام العالم أنها لم تعرف يومًا طريق التراجع أو الانكسار.

هي مصر التي تُلهم أبناءها في كل لحظة، مصر التي تواجه وتتقدم وتبني دون أن تلتفت إلى الوراء، لأن عينيها دومًا على المستقبل.

وفي ختام هذا المشهد المهيب، لا يسعنا إلا أن نوجّه رسالة تقدير واعتزاز إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي آمن بأن الحلم يمكن أن يتحول إلى واقع، وأن التاريخ يمكن أن يكون نقطة انطلاق لا محطة توقف.

نقول له من القلب:

شكرًا لأنك جعلت من الحلم مشروعًا، ومن الإرادة واقعًا، ومن التاريخ دافعًا لبناء المستقبل.

شكرًا لأنك قُدت مصر نحو جمهوريتها الجديدة بثباتٍ وإيمانٍ ورؤيةٍ واضحةٍ جعلت العالم يقف احترامًا لهذه الأمة العظيمة.

شكرًا لأنك أثبت للعالم أن مصر لا تُقاد إلا بعظمة، ولا تُبنى إلا بعزيمة، وأن أبناءها قادرون على أن يكتبوا سطرًا جديدًا في ملحمة هذا الوطن الخالد.

من هنا، من بين جدران المتحف المصري، من قلب القاهرة، نقولها بكل فخرٍ وصدقٍ وإيمان:

تحيا مصر… ويحيا قائدها الذي أعاد إليها مكانتها الطبيعية، وفتح أمامها أبواب التاريخ لتصنع مجدًا جديدًا باسم الجمهورية الجديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.