حازم عيسي يكتب | الشباب المصري ومسيرة التنمية

0

لقد تجاوزت النظرة إلى الشباب المصري كقوة مستقبلية إلى الإيمان المطلق بأنهم قادة الحاضر وصناع القرار الرئيسيون في مسيرة البناء والتنمية. تمثل شريحة الشباب غالبية سكان مصر وقوتها الدافعة، ولذلك، أصبحت عملية تمكينهم ليست مجرد أولوية، بل هي استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى استثمار هذه الطاقات الهائلة وتوجيهها نحو تحقيق الأهداف الطموحة لـ “رؤية مصر 2030” وبناء الجمهورية الجديدة. تدرك الدولة أن مفتاح النجاح المستدام يكمن في دمج هذه الشريحة الحيوية في كافة المسارات الوطنية: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وقد تجسد هذا الإدراك في إطلاق آليات ومبادرات غير مسبوقة.

في المجال السياسي، تم تدشين البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، الذي يُعد حجر الزاوية في بناء صف ثانٍ وثالث من الكفاءات المؤهلة علميًا وعمليًا لإدارة المؤسسات، وقد أثمر هذا البرنامج عن كوادر شابة تشغل الآن مناصب تنفيذية وبرلمانية هامة. كما أصبحت المؤتمرات الوطنية للشباب بمثابة منصة حوارية دورية ومباشرة بين القيادة السياسية والشباب من مختلف الأطياف، حيث تناقش أهم القضايا الوطنية وتخرج بتوصيات يتم متابعة تنفيذها بشكل مباشر، مما يعزز ثقافة المساءلة والمشاركة. ويأتي نموذج تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ليكون آلية فريدة وفعالة للتمثيل السياسي العادل، حيث يجمع الشباب من مختلف الخلفيات الفكرية والسياسية لتقديم كوادر فاعلة إلى الحياة النيابية والسياسية.

أما على الصعيد الاقتصادي، والذي يمثل التحدي الأكبر لتوفير فرص عمل لائقة، فقد واجهته الدولة بتبني استراتيجية تعتمد على ريادة الأعمال والتمويل الميسر. تم دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر عبر مبادرات تمويلية كبرى وميسرة، مثل “مشروعك” ومبادرات البنك المركزي، مما حفز الشباب على التحول من باحث عن وظيفة إلى رائد أعمال ومنتج يساهم في الاقتصاد الوطني. وفي موازاة ذلك، تبنت الدولة خطة شاملة لربط مخرجات التعليم الفني باحتياجات سوق العمل الفعلية، مع التركيز المكثف على تنمية المهارات التكنولوجية الحديثة والتحول الرقمي لضمان جاهزية الشباب للمنافسة في الاقتصاد العالمي المتغير. كما تسعى مبادرة “ابدأ” إلى توطين الصناعة بالاعتماد على دمج الشباب في مشروعات صناعية عملاقة، مما يخلق فرصًا للتخصص والقيادة في القطاع الخاص.

على المستوى المجتمعي، جاءت المبادرات القومية لتعكس البعد الإنساني للتمكين، حيث تشرك الشباب في بناء مجتمعاتهم المحلية بشكل مباشر. يُعد الشباب المتطوعون القوة الدافعة والمحرك الأساسي لمبادرة “حياة كريمة” لتطوير الريف المصري، حيث لا يقتصر دورهم على العمل التطوعي، بل يمتد ليشمل الإشراف الفني وإدارة المشروعات الصغيرة ضمن هذه القرى، مما يحقق التنمية الشاملة من القاعدة الشعبية. هذا بالإضافة إلى العمل على تطوير مراكز الشباب وتحويلها من مجرد منشآت رياضية إلى مراكز خدمية وثقافية وفنية متكاملة، تتيح للشباب فرصة التعبير عن مواهبهم وتلقي التدريب المهني في بيئة جاذبة ومحفزة. إن الاستثمار في العقول الشابة وتأهيلها هو أضمن وأسرع طريق للعبور نحو التنمية المستدامة، وما تشهده مصر من حراك شبابي وتنفيذ لخطط تمكين شاملة، يؤكد أن الدولة وضعت يديها على مفتاح النجاح المستقبلي، وأن الشباب، بتكاتف جهودهم ودعم المؤسسات، هم من سيقودون مصر نحو غد أكثر إشراقًا وازدهارًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.