أمل النجار تكتب | دستور 1923 مئوية العزة والكرامة

0 332

يعد دستور 1923 بمثابة نقلة نوعية في الفكر السياسي المصري المعاصر، فهو دستور يتحدث عن واقع الحال في مصر، فهو سابق لعصره متقدم على وقته ومعبر عن الحاجة الملحة لقيام نظام برلماني مصري، يؤمن بأن الأمة مصدر السلطات، وأن الأحزاب السياسية أدوات مساعدة في إطار التطور الطبيعي، وفقا لما ارتأه أساتذة القانون الدستوري، جاء تعبيرا عن الإرادة المباشرة للشعب المصري عقب ثورته عام 1919، كما ارتبط بإعلان الاستقلال، وتنبع أهمية ذلك الدستور من أن كل طوائف الشعب وقطاعاته كانت ممثلة في اللجنة التحضيرية له، فكان الأزهر حاضرا وأيضا الكنيسة، ولولا نضال المصريين بكل مكوناتهم المختلفة العِرقية والدينية والجنسية لما تحققت ثورة 1919، والتي كانت سببا رئيسيا في تحرك الماء الراكد للنضال الوطني، الذي ظل يضغط على بريطانيا العظمي تلك الامبراطورية التي لا تغيب الشمس عن أرضها في ذلك الوقت، كان يوجد كفاح ونضال ودماء دفعت لأجل الحرية والاستقلال، ذلك لأن الحرية لا توهب وإنما تكتسب، وظل الشعب المصري معتزا بدستور 1923 الذي كان يتوازي مع الدساتير الأوروبية ويتواكب مع صحوة العالم المعاصر عقب الحرب العالمية الأولي أيقونة للحريات، وحارسا للديمقراطية ومعبرا عن إرادة الشعب.
فنظم العلاقات بين الحاكم والشعب، وقد جاءت كثير من مواده لتدعم الدولة الحديثة، المتواكبة مع العلم والحضارة، كما دعمت الحريات المتمثلة كالحرية الشخصية، وحرية الاعتقاد، وحرية الفكر، وحرية الرأي، وحرية الصحافة، والحق في التجمع، كما رسخ لقواعد الديمقراطية من خلال منع التمييز، والمساواة بين كل المصريين، وسمح بحرية إقامة الشعائر الدينية، والأهم ترسيخ مبدأ إلزامية التعليم المجاني في المرحلة الأولى، والتي يظن كثير من المغيبين أن مجانية التعليم قد أتت وطبقت بعد حركة أو ثورة 1952، كما منح دستور 1923 حق تقلد الوظائف لكل أبناء الوطن دون تمييز، وجعل الأمة مصدر سلطات، وقد قلص من سلطات الملك فأصبح يملك ولا يحكم، وأعطي الحكم إلى مجلس الوزراء، مع آليات لمحاسبته لذا كان لزاما على جيل الآباء الشجعان الذين لم يهابوا الموت لأجل الوطن، وضع دستور جديد للبلاد، لتكتمل كل أركان الاستقلال، لذا يعتبر دستور عام 1923 أول دستور لمصر، كل التحية إلى لجنة الثلاثين التي وضعت دستورا سبق عصره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.