زكى القاضى يكتب | دور الفاعلين في معركة الوعي

0 600

شتان بين فكرة المعرفة والإدراك، فكلا منهم يعنى الوصول للمعلومة الصحيحة، لكن مفهوم الإدراك أكبر و أعم من فكرة المعرفة، فالوصول للمعلومة هي المعرفة بها، لكن الادراك لتلك المعلومة، هو الذى يذهب بنا لظهور المعلومة في وقت ما، وعدم الحديث عنها في وقت آخر، وبين تلك المصطلحات و أدوات تنفيذها، يتكون لدينا المفهوم الأشهر في الجمهورية الجديدة، وهو فكرة الوعى القومى.
عبر تاريخ مصر القديم والحديث، لم يحظى مفهوم الوعى بذلك الاهتمام مثلما حدث في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، و كذلك في الفترة بين 2010 و 2013، كانت فترة أيضا في غاية الأهمية في استنفار الوعى الشعبى بما يفرضه الضمير الانسانى الرافض للخنوع والظلم، وتحكم جماعات المال والدين في مقدرات أمور الشعب المصرى، واستمرت معركة الوعى بشكل أساسى في تلك الفترة، حتى وصلت لمرحلة ذهبية لا بأس فيها بعد ثورة 30 يونيو، فكانت كلمة الوعى جزءا رئيسيا من الخطاب الرئاسي، ثم جوهر الحديث في كافة المستويات بعد ذلك، وبين ذلك التعزيز الكبير والدفع الكمى والكيفى لفكرة الوعى، فإننا أمام شاهد رئيسى وهو أن تلك المعركة الأخيرة للوعى هي المعركة الأهم، لأن الفوز فيها سيكون مؤسسا لعدة قرون قادمة.
يكاد يكون مفهوم الوعى مفهوما شعبيا بامتياز في تلك المرحلة، فالكل يعلم أن هناك معركة حقيقية في الاقتصاد، وهناك معركة حقيقية في مواجهة الإخوان والإرهاب، والكل يعلم و متيقن أن رئيس الدولة المصرية شخص نظيف اليد، لا غبار عليه، وأن مسار تحركاته هو اصلاح البلد، كما يدركون أن شكواهم من الأسعار والغلاء هي شكوة الضامن فيمن يقودون الأمر، لا شكوة المشكك في الأمر، ولذلك ففي عز التعب والحديث عن الأسعار ومافيها، تجد دائما هناك يقين داخلى بأن الأمور ستكون أفضل، وأن ” الله لن يترك عباده”، ورغم أن العالم بأسره عباد الله، لكن المصريين لديهم يقين داخلى خاص بأن القادم أفضل لأن سمة الإخلاص والأمانة والشرف هي سمات قائد المرحلة ومن ينفذ توجيهاته، وتلك المعادلة ليست معادلة سهلة على الاطلاق.
ورغم أن كل الدراسات كانت في وقت من الأوقات تشير إلى أن المصريين ذاهبون إلى حافة الهاوية ، إلا أن طباع المصريين وتصرفاتهم و تحملهم لكافة الصعاب، جعلت المصريين في أفضل حال من غيرهم، وبالمقارنة في النسبة والتناسب بين ما يحدث من توابع للحرب الروسية الاكرانية، فقد انهارت أنظمة كبرى وعظمى جراء تلك التوابع، و لذلك فالاكلشيهات التي يتم تمريرها بشكل مسموم بأننا متضررون من الحرب الروسية الأوكرانية أكثر من غيرنا، هي عبارات مسمومة، فقد تضرر الغرب أولا وتضررت روسيا وأوكرانيا بطبيعة الحال.
وأخيرا فالمعركة الحالية بكل ما فيها من ظروف غير مسبوقة، وتشابك في الأزمات، وتعقيد في وسائل الحل، تستلزم من الجميع أن يعي قيمة نفسه أولا، و يساهم بدوره المجتمعى بالإيجاب، ولا نترك الساحة لغيرنا فيحتلها، فكل مساحة متروكة محتلة من غيرنا، طالما لم نساعد في ملأها بالأفكار الصحيحة و المناسبة، و طالما انشغلنا عن مصرنا بأنفسنا ومصالحنا الشخصية، و بالتالى فعلى كل شخص فاعل في الحياة العامة المصرية دور هام، سواء بالرد أو بتوضيح الحقائق، أو حتى تشيير المعلومات المتوازنة و يترك قرائتها للجمهور وأهل الاختصاص.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.