زياد عبد التواب يكتب | الذكاء الاصطناعي ومشكلات الكرة المصرية

0 569

تعتبر قضية المدرب المصري ونظيره الأجنبي من أحد القضايا الأزلية، وهي سيناريو متكرر في مدربي كرة القدم سواء للمنتخب الوطني أو لباقي الفرق الرياضية… يمتد هذا الامر الي الحكام ايضا….قد استطيع ان اتفهم السبب في حالة الاستعانة بحكام اجانب للمباريات الهامة مثل مباراة الاهلي و الزمالك وذلك حتي لا يكون للعواطف او للميل لاي من الفريقين اثر ولو بسيط في الاحكام التي تصدر…سواء أكان الحكم اهلاويا او زملكاويا او يشجع فريق اخر له مع اي من الفريقين تار بايت او مصلحة ومنافسة حالية او مستقبلية لهذا يتم الاستعانة بالحكام…اما بالنسبة للمدرب فان الامر يختلف كثيرا…التدريب هو نوع من الادارة بوظائفها الرئيسية من تخطيط ومتابعة و تقسيم المهام و التقييم والإثابة و توقيع الجزاءات …الخ

والمدرب مهما كان فانه يحتاج الي عدة عوامل أهمها الشغف و الإقبال علي العمل …الموهبة و القدرات الشخصية ثم لابد من ان يتم صقل ذلك بالدراسة حتي يكون المدرب محترفا…يجمع بين الحماس و حب الوظيفة و الموهبة والدراسة للتجارب والأساليب المعتمدة والمستقبلية ايضا…

اعود بالذاكرة الي اعظم المدربين سواء للمنتخب القومي لكرة القدم او للفرق الكبري فاجد ان العلامات الفارقة ضمن هؤلاء المدربين لم يكن اجنبيا….محمود الجوهري…محمد عبده صالح الوحش…حسن شحاتة…اعرف ان القائمة ليست طويلة و لكن هؤلاء المدربين العظام دليل و برهان علي ان مقولة ان المدرب الاجنبي افضل من المدرب المصري هي اكذوبة رددناها حتي صدقناها و ندافع عنها ضد اي ممن يحاول كسرها او حتي النقاش حولها…الامر يتخطي الرياضة و ينطلق الي ميادين الطب و الهندسة والادب والفن والموسيقي و خلافه…جزء كبير من تلك الصورة الذهنية الخرافية التي نرسمها لكل ما هو اجنبي هي في الحقيقة اكذوبة يصدرها لنا الاخر سواء بصورة مباشرة او بواسطة دراويشه و مريديه و المبشرين به…تجد شبكات التواصل الاجتماعي تعج باخبار و صور من اليابان و يطلق عليها من قبل المستخدمين تعبير “كوكب اليابان” ولهذا التعبير دلالات ليست بريئة تماما كما قد يتبادر الي الذهن للوهلة الاولي…التعبير يضفي قداسة و عظمة علي تلك الدولة و علي الجانب الاخر يصوب سهام اليأس و الاستسلام بل و الاكتئاب ايضا الي صدورنا و عقولنا و مستقبلنا بالرغم من ان الامر بسيط و السر ابسط…انه “العمل” …العمل الجاد الدؤوب هو ما نقل اليابان من حطام الي مصاف الدول المتقدمة خلال 30 سنة علي الاكثر…دولة بلا موارد طبيعية تقريبا و بها العديد من الكوارث الطبيعية  مثل زلازل و اعاصير لا تنتهي و مع ذلك فان المورد الرئيسي بها قد تخطي و تغلب علي كل تلك المعوقات…انه العنصر البشري …الانسان ببساطة و بدون فلسفة….هل نحتاج ان نتكلم عن الانسان المصري…هل نحتاج لنقض نظريات تميز بعض الاجناس عن البعض الاخر؟ هل نحتاج الي ان نتحدث عن حض الاديان علي العمل و الاتقان؟ ام نستمر داخل عقدة الاجنبي و دائرته المفرغة المخيفة؟…

عودة الي الحديث عن  المدرب الاجنبي و المدرب المصري و المعركة الازلية بينهماولكن من منظور تقني حديث مرتبط بتقنيات الذكاء الاصطناعي التي لم تترك مجالا الا و طرقته و بقوة و بدون استئذان…

ولمعرفة الجديد في هذا المجال استعنت  بمحرك البحث جوجل و بحثت عن الامر فوجدت مقالا في الاندبندنت البريطانية بتاريخ 23 يناير 2019 يتحدث عن هذا الامر بالضبط….يتحدث عن ان احد فرق كرة القدم قد استعانت بأحد الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي و ذلك لتقوم بإمدادها بمدرب الكتروني….

المدرب الجديد بالطبع عبارة عن برنامج للحاسب الالي متصل بالسماعات و يقوم المدربون بالحديث اليه و تعليمه كل استراتيجيات و تكتيكات التدريب و التوجيه….ثم يقوم المدرب الجديد باستيعاب كل المهارات اللازمة…ثم يتمكن من اختيار افضل قائمة لاعبين لكل مباراة بناء علي معلومات عن الفريق المنافس و امكانيات فريقه و خططهم السابقة وتحديد مواقعهم في الملعب وخطة المباراة كما يقوم بمتابعة المباراة اثناء اقامتها و تحديث توجيهاته بناء علي اي مستجدات فيستطيع مثلا ان ياخذ قرارات تبديل اللاعبين اثناء المباراة و اي اللاعبين يخرج و اي اللاعبين يشارك بدلا منه….

المقالات متعددة و الانترنت تتحدث كثيرا عن هذا التوجه الجديد…من يراه عجيبا فلينظر الي الوراء قليلا و يري قوة برامج الحاسب المستخدمة في لعب الشطرنج… منذ اكثر من 20 عاما خسر لاعب الشطرنج العالمي جاري كاسباروف امام برنامج Deep Blue  من شركة IBM  بعد مباراة استغرقت اكثر من ثلاثة ساعات…هذا البرنامج كان قادرا علي عمل تقديرات و حسابات ل 200 مليون احتمالية حركة في الثانية….بالطبع مباريات كاسباروف مع الالة تحتاج الي مقال منفصل و لكن الفكرة واضحة جدا…المستقبل للآلة…ربما يأتي زمن نحتاج فيه الي بعض الاخطاء لنحس اننا بشر و لكن بالتأكيد ليس في مجال كرة القدم اللعبة الشعبية الاولي في مصر و العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.