سمر عمرو تكتب | الإعلام بين الحرية والمسئولية

0 507

“التصدّي لخطاب الكراهية لا يعني تقييد حرية التعبير أو حظرها. وإنما يعني اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تفاقم خطاب الكراهية وتحوّله إلى ما هو أخطر من ذلك، وخاصة التحريض على التمييز والعدوانية والعنف، المحظور بموجب القانون الدولي” هذا ما جاء في نص كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم إطلاق استراتيجية الأمم والمتحدة وخطة عملها بشأن خطاب الكراهية.
ومما لا شك فيه أن دور وسائل الإعلام هو بناء وترسيخ ثقافة السلام وتعزيز التفاهم بين دول وشعوب العالم. لذلك فمبدأ الحرية ومبدأ المسئولية هما أساس ممارسة العمل الإعلامي. ولكن مثلما يسعى بعض معدومي الضمير للربح السريع لفترة ما، وتمتعهم بشهرة مزيفة ومؤقتة تزول بعد حين بظهور ما هو أجدر وأكفأ، لأن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، أيضاً تنتهج بعض البرامج الإعلامية مسار فقير بتصدير مضمون مثير؛ سعياً وراء الربح عبر ترند لا يرقى بالمشاهد ولا بمسئولية الإعلام، ولكن يزول الترند بالتصدي له من أصحاب العقول المحترمة وذلك من أجل حماية حقوق المشاهدين والحفاظ على آداب وتقاليد المهنة.
فما هي المعايير التي من شأنها حماية الأمن والاستقرار المجتمعي؟ وما الذي يضمن التزام المؤسسات الإعلامية بأصول المهنة؟ وما هي المعايير التي تضمن التزام الإعلامي بأداء مهني حيادي؟
أولاً تضمنت المادة رقم (211) من الدستور المصري العظيم باختصاص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بالحفاظ على حياد الإعلام والتزام وسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها. ثانياً تضمنت المادة رقم (214) من الدستور بحق المجالس القومية المستقلة بإبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عملها، ثالثاً الالتزام بأحكام القانون رقم 180 لسنة 2018 الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. رابعاً احترام التعهدات المنصوص عليها في ميثاق الشرف الإعلامي الصادر في 20 ديسمبر سنة 2017.
وبما أن تاريخ الإعلام المصري يتمتع بمسئولية وطنية والخطاب الإعلامي يؤثر على سلوكيات المواطن اليومية ومن ثم ينعكس على حياته الاجتماعية، أرى ضرورة الالتزام بالموضوعية في تناول كل الأمور والتوازن في عرض وجهات النظر وعدم تغليب المنفعة الخاصة على الاعتبارات المهنية والمصالح الوطنية، وحتمية الالتزام بالعزوف عن أي مشاحنات إعلامية وعدم استخدام أوقات العرض في طرح خلافات شخصية. والامتناع عن إثارة التمييز بكل أنواعه بين أطياف الشعب وفئاته، فضلاً عن الالتزام بعدم استخدام ايماءات مسيئة أو عبارات تنافي الآداب العامة والقيم المجتمعية.
مجمل القول حرية الإعلام لا تتعارض مع مسئولية الإعلام، ومع كامل الاحترام والتقدير لتأثير ونجاح الإعلام المصري الهادف والمهني بحق وهو الغالب الآن، إلا أننا علينا مواجهة أي ظاهرة خبيثة تهدم تلاحمنا، ونظراً لظهور بعض الترندات من حين لآخر تحض علناً على الكراهية؛ فأصبح لزاماً علينا التصدي لمثل هذه الظواهر بتعزيز روابط المجتمع بكل الوسائل الممكنة لبناء مجتمع أفضل للجميع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.