طلعت رضوان يكتب | قصة الفلاح الفصيح (2-3)

0 340

الشكوى الرابعة:
فى اليوم التالى قال الفلاح للحاكم: إنك إنسان مُنغمس فى ملذاته..واعلم أنه لا يوجد إنسان مُـتسرّع فى كلامه يخلومن الخطأ والتعثر..والإنسان خفيف القلب يصعب عليه أنْ يكبح أهواءه..كنْ صبورًا حتى تـُحقق العدل..ولايوجد إنسان طائش يتفوّق فى عمله. علـّم قلبك الحرص على التأمل. لاتكن قاسيًا فيحيق بك الأذى. من يأكل يتذوّق ومن يُخاطب يُجيب. تأمل أيها الأحمق فإنك قد ضربتَ..وتأمل أيها المغفل فإنك قد استجوبتَ..وأنت يا مانح الماء فقد دخلتَ فيه فاحذرأنْ يغمرك الماء..ولاتجعل قاربك يرتطم..وأنت يا معطى الحياة لاتسلب الحياة من أحد..ولاتتسبّب فى خراب أحد..والآن هل سأقضى اليوم كله فى شكواى الرابعة؟

الشكوى الخامسة:
قال الفلاح للحاكم: لاتحرم أى إنسان (رقيق الحال) من أملاكه. فإنّ أملاك الرجل الفقيربمثابة الحياة بالنسبة إليه. أملاكه مثل تنفسه..ومن يغتصبها يجب عليك أنْ تكتم أنفه. إنّ منصبك يُحتم عليك أنْ تسمع الشكاوى..وتفصل بين المُـتخاصمين..وكبْح جماح اللص..ولكن تأمل: فإنّ ما تفعله هوأنك تقف مع اللص..والإنسان يضع ثقته فيك. ولكنك أصبحتَ مُعتديًا. لقد نصبتَ سدًا للفقير، فاحترس)) تركه الحاكم ليستمع للمزيد من بلاغته.

الشكوى السادسة:
خاطب الفلاح الحاكم قائلا: أنت أيها المديرالعظيم اعلم أنّ المحاكمة الحقة ضد الباطل..وتعلوبالصدق..وتــُـشجـّـع الحسنة وتقضى على السيئة..كالشبع عندما يقضى على الجوع..والكساء يقضى على العرى..وكالسماء تصفوبعد العاصفة..وتــُـدفىء كل من شعربالبرد..وكالنارتسوى النيىء..وكالماء يطفىء الظمأ. انظرإنّ المُـغتصب يحط من العدالة. إنّ حزنى فى قلبى..والإنسان لايعرف ما فى قلب غيره. لاتكن خاملا بل اهتم بشكواى.
وواصل حديثه فقال: إنّ مجداف القلوب فى يدك. فإذا انقـلب القارب فإنّ حمولته تتلف..وتضيع على رمال الشواطىء. إنك متعلم وماهر..ولكن ليس فى النهب. إنّ مثلك مثل الإنسان الذى كل أعماله ملتوية..والفاسد فى الأرض لايرى الاعوجاج.. ويرى كل شىء مستقيمًا..والبستانى الذى يروى حقله بأعماله الخاطئة فإنّ مزرعته تنموبالكذب. وعلى ذلك يرى المتاعب إلى الأبد.

الشكوى السابعة:
فى اليوم التالى قال الفلاح للحاكم: أيها المديرالعظيم إنك مُعادل ل (تحوت) فيجب أنْ تقضى دون أنْ تنحازلجانب ضد جانب..وكنْ صبورًا حتى يمكن للإنسان أنْ يستغيث بك لقضيته العادلة..ولاتجعل قلبى جموحًا فذلك لايليق بك..والإنسان الحكيم هو من عنده (بـُـعد نظر) لاتفرح بما لم يحدث بعد. إنّ الذى ينتهك حرمة القانون، لا يستطيع الإنسان الفقيرأنْ يـُـقاومه إذا لم تــُواجهه العدالة. إنّ جوفى وقلبى لمُفعمان. وقد طفح من جوفى تقريرحالتى. لقد كان صَدْعٌ فى السد فتدفق منه الماء..وانفتح فى الكلام..وعندئذ أعملتُ مجدافى لسبرأغوارنفسى..ونزحتُ مائى وروّحتُ عما فى جوفى..وغسلتُ كتانى (ملابسى) والآن انتهى خطابى..وانتهى بؤسى فى حضرتك، فما الذى تطلبه الآن؟ إنّ خمولك سيُضللك وشراهتك ستغشك..وعدم اكتراثك سيُولد لك الأعداء..ولكن هل يُمكن أنْ تجد فلاحًا مثلى؟ وهل الشاكى يقف على بيت الخامل؟ على أنه لايوجد إنسان صامت قد أنطقته. ولانائم قد أيقظته..ولامكتئب أزلتَ حزنه..ولا إنسان فمه مغلق فتحته..ولاجاهل جعلته يعرف..والحكام وظيفتهم القضاء على كل سوء..وأرباب الخيرأصحاب فن يصلون الرؤوس التى فــُـصلتْ عن أجسادها (صورة مجازية)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.