محمد الكاشف يكتب | عبد الرحمن سوار الذهب

0 310

شهدت المنطقة العربية في الأونة الأخيرة بعض التغيرات والتحركات سياسيا، ولا سيما بدولة السودان الشقيقة بقيام «قوات التدخل السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير «بحميدتى» بالاشتباك مع الجيش النظامي السوداني بقيادة «عبدالفتاح البرهان» لرغبة حميدتي بالسيطرة على مقاليد الحكم، والكل يعلم القاصي والداني أن وصول حميدتي لسدة حكم السودان سيكون بمثابة حجرة العثرة أمام مصر والسودان بشأن مفاوضات أزمة سد النهضة، فمنذ الوهلة الأولي يهرول تاجر الإبل «حميدتى» الراكب من ظهر إلى ظهر متسلقا كل الحبال المتعطش للدماء والسلطة لا ريب تارة لـ«إثيوبيا» وتارة أخري لـ«الإمارات» ليضفوا عليه شرعية لحكم السودان كما فعل معه «البشير» في الماضي غير البعيد حينما أضفي عليه شرعية بتسمية «قوات الچنچاويد» سيئة السمعة «بقوات الدعم السريع» بعد أن قضي على معارضي «البشير» بدارفور وإقليم كردڤان، وغيرهم، فهم إذا دخلوا قرية ذبحوا أبناءها واستحلوا نساءها ونكلوا بمشايخها ومن ثم أحرقوها.
ولعلك عزيزي القارئ تسأل نفسك من يكون حميدتى؟ دعني أجيب عن سؤالك..
«حميدتى» من طفل هارب من مقاعد الدراسة لتجارة الإبل وحماية القوافل إلى شاب منخرط في العمل المسلح إلى عميد بموجب مرسوم رئاسي من «المخلوع عمر البشير» إلى فريق أول ثم نائب بمجلس السيادة، رغم أنه لم يتخرج من كلية عسكرية قط وبين عشية وضحاها صار أكبر تاجر للذهب والمسيطر على أكبر مناجم السودان وبات أكثر الرجال قربا «للمخلوع عمر البشير» حتى أبدت له الأيام ما كان به جاهلا، فكان «البشير» بحاجة لحمايته ولكنه أدار ظهره له وهو الآن على أعتاب وصوله لسدة الحكم بالسودان. وعلى كل أطراف الصراع بالسودان أن يسمعوا لصوت الحكمة وأن يأخذوا على عاتقهم حماية الوطن والدفاع عن مقدراته ومكتسبات شعبهم وتنحي الخلافات جانبا وأن يستلهموا روح الراحل «المشير سوار الذهب» الذي أخرج السودان من نفق مظلم وانحاز لمطالب الشعب حفاظا على لُحمة الوطن وتفادي الحروب الأهلية.
عزيزي القارئ من هو المشير سوار الذهب؟ وُلد « عبد الرحمن سوار الذهب» في مدينة الأبيض عام ١٩٣٥وتخرج في الكلية الحربية عام ١٩٥٥وتدرج في السلك العسكري والتحق بكلية الأركان والقادة ودرس بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، وبعدها تدرج في المناصب العسكرية ليتولي منصب رئيس الأركان ووزير الدفاع، وفي أعقاب انتفاضة إبريل من عام ١٩٨٥ التي أطاحت بحكم «النميرى» الذي حكم السودان بالحديد والنار وقمع الحريات طيلة فترة حكمه، تولي سوار الذهب رئاسة المجلس العسكري الانتقالي ورقي لرتبة المشير.
تعهد سوار الذهب بأن يسلم السلطة خلال عام واحد لحكومة منتخبة وبالفعل سلم السلطة للحكومة الجديدة المنتخبة برئاسة رئيس الوزراء «الصادق المهدى» وعقبها اعتزل «سوار الذهب» العمل السياسي وكان هو أول حاكم يتخلى عن الحكم بمحض إرادته وأطلق عليه معارضوه بالحاكم الزاهد وبعدها تفرغ للعمل الخيري والدعوى.
ترأس «سوار الذهب» منظمة الدعوة الإسلامية التي اتخذت من السودان مقرا لها، ومن إنجازات تلك المؤسسة بناؤها العديد من المدارس والمستشفيات والعيادات وملاجئ الأيتام، وفي عام ٢٠٠٤ فاز سوار الذهب بجائزة الملك فيصل السنوية المخصصة لمن قدم خدمات جليلة للدين الإسلامي، وفي عام ٢٠١٨ وافته المنية وواري الثري وبلغ مثواه الأخير في المدينة المنورة ودفن في البقيع بعد وصية منه للملك سلمان بن عبدالعزيز. رحم الله كل رجل دولة عظيم مخلص، وحفظ الله مصر والسودان من كل مكروه وسوء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.