محمد كامل يكتب | هل يصبح 2023 عامًا للتنمية المستدامة في مصر؟

0 544

عقب استضافة مصر لمؤتمر دول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ “COP27″، الذي انطلق في نوفمبر الماضي بمدينة شرم الشيخ، والتي نجحت مصر في إبهار العالم سواء فيما يتعلق بالجانب التنظيمي أو اللوجيستي، أو من ناحية الموضوعات التي تمت مناقشتها خلال المؤتمر، والتي لم تقتصر على الموضوع الرئيسي للمؤتمر وهو قضية “التغيرات المناخية” فقط، بل امتدت إلى العديد من الأزمات الأخرى التي يعاني منها العالم، على سبيل المثال النداء الذي أطلقه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تركت تداعيات كبيرة على العديد من الدول، بينما ارتبطت تلك التداعيات بقضايا أخرى لها علاقة مباشرة بالقضية الرئيسية للقمة، وعلى رأسها قضايا الأمن الغذائي والطاقة.
سعت مصر خلال القمة إلى توحيد جهود العالم للتصدي للتغير المناخي، على أمل إبقاء ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض عند حد 1.5 درجة مئوية، وركزت فعاليات “COP27″على اتخاذ إجراءات حاسمة للحد بشكل عاجل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وبناء القدرة على الصمود والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وصولًا إلى الوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي في البلدان النامية، حيث دفعت مصر في اتجاه تنفيذ الدول الكبرى تعهداتها في مؤتمرات الأمم المتحدة السابقة للمناخ، على رأسها اتفاقية باريس الموقعة عام 2015، واتفاقية قمة كوبنهاغن عام 2009 حيث تعهد الموقعون بضخ مليارات الدولارات لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تأثير تغير المناخ، وخلال المؤتمر حققت مصر نجاحات كبيرة اقتصاديا خلال توقيع اتفاقيات لإقامة مشروعات تتعلق بالطاقة المتجددة والرياح والهيدروجين الأخضر ومشتقاته تجاوزت حوالي 119 مليار دولار أميركي (حسب تصريح المتحدث باسم وزارة الكهرباء)، وتوقيع اتفاقيات اخرى اطارية لمشروعات عملاقة في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، ومذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي، والحصول على حوالي 500 مليون دولار من أميركا وحوالي250 مليون يورو من ألمانيا.
لعل النجاح الكبير الذي شهدته قمة المناخ يمثل ثمرة لسنوات “بناء الجمهورية الجديدة”، التي خاضتها الدولة المصرية لتوطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات، حيث وضعت الحكومة المصرية استراتيجية للتنمية المستدامة لتربط الحاضر بالمستقبل وتبني مسيرة تنموية واضحة يسودها العدالة الاقتصادية والاجتماعية لتوفير حياة كريمة لكل المواطنين، وذلك من خلال أجندة وطنية أطلق عليها “رؤية مصر 2030” التي تعتبر المحطة الأساسية في مسيرة التنمية الشاملة في مصر، حيث تعكس “رؤية مصر 2030” الخطة الاستراتيجية طويلة المدي للدولة تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة العالمية، وقد استندت رؤية مصر على مبادئ: “التنمية المستدامة الشاملة” و”التنمية الإقليمية المتوازنة” التي تعتمد على ثلاثة أبعاد: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي.

ويوضح تقرير التنمية المستدامة 2022 الذي يتم نشره سنويًا من جامعة كامبريدج بالتعاون مع مؤسسة (Bertelsmann Stiftung) الألمانية، وشبكة حلول التنمية المستدامة (SDSN) ، التي تعمل تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة، ترتيب مصر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ، فقد احتلت مصر المرتبة السابعة من بين 20 دولة عربية والرابعة من بين 47 دولة إفريقية والسابعة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحققت مصر المركز 30 من بين 163 دولة في مؤشر تأثير الامتداد العالمي، كما تفوقت في مؤشرات التعليم والبحث والتطوير والصحة والرفاه والديموجرافيا مقارنة بأداء دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والدول ذات الدخل المتوسط الأدنى.
وكأحد الجهود الرئيسية لتنفيذ جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر مبادرة “حياة كريمة” ، والتي تم إطلاقها لتحسين نوعية الحياة في المجتمعات الريفية في مصر، مع التركيز على سبل عيشهم، والبنية التحتية، والوصول إلى الخدمات الأساسية، حيث تستهدف المبادرة 58٪ من سكان مصر الذين يعيشون في 4658 قرية، والتي تم إدراجها من قبل إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة (UN-DESA) كأحد العوامل المُسرِّعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلي إن المبادرة تتضمن مكونًا حساسًا للمناخ، يهدف إلى تعزيز مرونة المجتمعات الريفية وتحسين قدرتها على التكيف مع اتباع مسار تنمية منخفض الكربون، وتقديم حلول مرنة ومستدامة وفعالة للتعافي من الخسائر والأضرار الناتجة من تغير المناخ، فهل تشهد مصر في عام 2023 تقدما ملحوظا في مؤشرات تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.