المجتمعات الغربية الصناعية المتقدمة هي وليدة ونتاج النظم الاستعمارية الكولونيالية الوحشية التي قامت منذ مطلع القرن السادس عشر و استمرت حتى الربع الأخير من القرن العشرين، قبيل أفول نهجها في الاستعمار المباشر بقوة الحديد و النار ظاهرياً في سياق الاستقلال الشكلي لدول المستعمرات عن مستعمريها بعد انقضاء تلك الحقبة، وهو ما تم استبداله باستعمار جديد سواءً عن طريق «النواطير المحليين» أو «شبكة العولمة الشيطانية» أو ما كان على شاكلتها، وهو ما يعني استمرار ذلك النموذج الاستعماري من «الوعي العنصري الفوقي» و ما يقدمه من « تبرير ذرائعي تلفيقي» لذلك النمط من الاستغلال الوحشي المنفلت من أي عقال أخلاقي للبشر المفقرين في دول الجنوب بشكل جديد لا يغير من جوهره المتفارق تماماً عن طبيعة البشر الفطرية التي تنقت و تشذبت «بيولوجياً» و «تكيفياً» وفق اشتراطات «الاصطفاء الطبيعي» في صيرورة تكونهم كجنس بشري، و اقتضت ميلهم الغريزي و العفوي بشكل بنيوي عميق «للتفاعل والتعاون والتشارك مع أبناء جنسهم في سعي دائب لنجدة المستضعفين و الملهوفين والصغار لأجل الحفاظ على النوع البشري من الانقراض». والمثال النموذجي المبسط على ذلك الابتناء البنيوي في عمق دارات بني البشر الدماغية هو الأم التي تترك كل الطعام الشحيح في زمن مسغبة لأطفالها دون التفكر بأن تقربه حتى لو كانت على شفى الاندثار من الحياة الدنيا، أو ذاك الأب الذي يجتهد ليقسم قوت العائلة الشحيح عدلاً بين أبنائه، دون التفكر أو القيام بالتهامه كله وترك أطفاله الضعفاء لمصيرهم المحتوم.
ونظراً لمتطلبات «اللعبة الحضارية الشكلية» في الغرب بشقيها المتعلقين بالديموقراطية وحقوق الإنسان، فقد أصبح من الصعب المجاهرة بذلك «الوعي العنصري التلفيقي» بشكل معلن في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مما اقتضى تحوله إلى نموذج «مخاتل موارب» يفهمه كل أبناء تلك المجتمعات دون أن يكون «مكتوباً أو مصرحاً به جهاراً نهاراً».
ولكون العرب في المرحلة التاريخية الراهنة أضعف الأقوام والمجتمعات البشرية في قدرتها على الدفاع عن نفسها معنوياً أو مادياً جراء النتاج الوحشي «للاستبداد والمقيم فيها عمودياً وأفقياً»، فهو ما يجعلهم «الدريئة الأسهل» للاستخدام «إيديولوجياً» في الغرب عند الضرورة «للتنفيس» العنصري، وإيجاد «شماعة» لتعليق كل «الآفات والخلل والزلل الداخلي في المجتمعات الغربية» على أولئك «الضعفاء» الآخرين؛ فتصبح «البطالة» في العالم الغربي ناتجاً لطوفان المهاجرين اللاجئين من العرب الوافدين لإغراق القارة الأوربية، ويصبح «الإرهاب و التفسخ الاجتماعي» في الغرب نتيجة «الإرهاب العابر للقارات» الذي يقوده «المسلمون عموماً والعرب منهم خصوصاً» على المستوى الكوني وفق ذلك الوعي العنصري الوظيفي الراسخ وغير المعلن في الغرب.