أحمد زهران يكتب | شجاعة القرار واستعادة الهوية

0

في خضم احتفالات المصريين بثورة الثلاثين من يونيو وما سبقها من مقدمات وما تلاها من أحداث، نستعيد معًا نسمات تلك الثورة الشعبية والانتفاضة الجماهيرية الضخمة التي انطلقت من الربوع والنجوع والقري تقودها الجموع منطلقين في كل حدب يبحثون عن مصر الدولة الوطنية مهبط التسامح ومنبع استيعاب الآخر.
الدولة المصرية بمؤسساتها الوطنية المستقرة بثبات الجغرافيا وقدم الحضارة كانت قد تعرضت خلال عامين من 2011 حتي الثلاثين من يونيو 2013 لهجمات عاتية لضرب وتفكيك مؤسسات الدولة تلتها موجات متتالية من محاولات الاخونة التي ما كانت في جوهرها إلا سعيًا نحو طمس هوية الدولة الوطنية التي تساوي بين كل ابنائها علي أساس “الهوية المصرية” دون تمييز علي أساس الدين أو العرق ودون تميز لمصريٍ علي آخر علي أساس “اللحي او التبعية لولاية الفقيه” وذلك ما هو إلا سر تفرد هذا البلد العريق على مدار تاريخه الطويل الا وهو قدرته علي صهر جميع ابنائه في بوتقة الوطنية المصرية.
عانت مصر شعبًا ومؤسسات خلال عام من حكم الجماعة الارهابية من محاولات اختطاف بقصد طمس الهوية وانفراد بالحكم وفاشية دينية تحكم على أسس “الاهل والعشيرة” لم تراعي الأمن القومي المصري ولم تحفظ للقرار الوطني قدسيته، استباحت كل شيء في سبيل الاحتفاظ بالحكم وصمت الاذان عن صوت الجماهير التي دعتها كثيرا لاحترام خصوصية الحالة المصرية وتقدير الظرف التاريخي الذي تمر به مصر في قلب من منطقة مضطربة تفككت أوصالها أو كادت.
لم يكن هناك مناص بعد كل ماجري في مصر ومؤسساتها من محاولات التفكيك وما جري لشعبها من محاولات استقطاب وتفرقة لم تمر عليه عبر تاريخه وما حدث لوجه مصر الحضاري وهويتها الوطنية من محاولات تشويه واختطاف.. من الخلاص، حينها وكما تعودت مصر علي مر تاريخها العريق هبَّ الشعب بمكونه الوطني ومكنونه الحضاري المتوارث متلفتا للمؤسسة الوطنية الصلبة والثابتة على اسس القومية المصرية وهي القوات المسلحة ينتظر منها نجدةً ولصدور ابنائه في الميادين حمايةً من سهام الإرهاب الغادرة. اجتمعت في قيادات الوطن صلابة الشخصية المصرية وأصالتها وايمانها العميق بالله بلا تحزب وتدينها بلا تطرف ووطنيتها المحضة دون أدني استعداد للمساومة أو الاستقطاب. حمت القيادة السياسية ثورة الشعب بشجاعة القرار في الثالث من يوليو 2013 معلنة استئصال الشر وأهله بلا رجعة من جسد مصر، معبرة عن أصوات الملايين، تحملت الأمانة على كاهله، أمانة استعادة الهوية وبناء المجد، والشعب خلفها في معركتي البقاء والبناء، بقاء الدولة وبناء الجمهورية الجديدة.

* أحمد زهران، عضو تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.