إسلام عمر يكتب | الجمعيات الأهلية وإدارة الخدمات الصحية

0

الصحة هي أهم احتياجات المواطنين في كل البلدان وهي الشغل الشاغل لكل الحكومات ومع تزايد أعداد السكان تتزايد الاحتياجات للخدمات الصحية وتزيد التكلفة على الحكومات وهي تعمل بشكل دائم على توفيرها وتحسين الخدمات المقدمة وعلي تحسين جودتها للحفاظ على صحة مواطنيها لأن الاستثمار الحقيقي دائماً في البشر، لأنهم هم المورد الحقيقي.
مما لا شك فيه أنه عند إعداد الموازنة سواء كان ذلك في الدول الغنية أو الفقيرة تكون الصحة وتوفير نفقاتها أول مسألة مستقرة أمام عيونها لا تنفك لغيرها قبل أن تفرغ لغيرها لأهميتها. ومن هذا المنطلق تعمل الحكومات على توفير هذه النفقات سواء من خلال المورد الطبيعي وهو الضرائب أو من خلال تبرعات من شركات كبري أو إعانات من منظمات عالمية لمعالجة مرض معين أو تتحمل الدولة تكاليف إضافية عن الميزانية المخصصة للصحة إذا كان الأمر يهدد سلامة المواطنين مهما كانت التكلفة مثلما حدث بعد انتشار فيروس كورونا وقد وفرت الدولة اللقاح مجاناً للمواطنين وأيضاً تطعيم فيروس التهاب الكبد الوبائي سي تم توفيره مجاناً وغيرها من الحملات القومية.
قطاع الصحة قطاع خدمي يقدم الخدمات الصحية مجاناً أو بتذكرة دخول رمزية في بعض المستشفيات والبعض الآخر بتكلفة مقبولة لا توازي في الحقيقة ثمن التكلفة الفعلي، ونظراً للأعداد الكبيرة التي تتردد يومياً علي مستشفيات وزارة الصحة تم التعاقد مع مراكز أشعة لإجراء الفحوصات بها لصالح مرضى التأمين الصحي وقد يكون مطبق في قطاعات أخرى من مستشفيات وزارة الصحة لتقليل قوائم الانتظار ويتم دفع التكلفة من خلال وزارة الصحة وهو أمر طيب لما فيه من مراعاة ظروف المرضي ولكن دون الاستفادة من كم الأعداد التي تُجري هذه الفحوصات يومياً. الشراكة تطل علينا هنا من المجالات المختلفة التي شاركت فيها الدولة وتتساءل أين أنا من هذا القطاع الكبير؟ الحقيقة أن التجارب السابقة والحالية في مجال الشراكة بين القطاع العام والخاص متعلقة بالطرق والكباري ومترو الأنفاق والصرف الصحي وهناك قطاع مهم جداً قائم على الشراكة بين القطاع العام والخاص من بدايته وهو قطاع البترول في مصر.
فكرة الشراكة في القطاع الصحي هي مسألة لم تحظ حتى الآن بالاهتمام الذي يقابل أهمية المكاسب التي سوف تتحقق لتوفير الخدمات والنفقات وإدارة دخل علي القطاع الصحي، فالحكومات تفكر ممثلة في وزارة الصحة في كيفية توفير هذه التكلفة وعدم تعطل الخدمات نظراً لطبيعة ما تقدمه من خدمات وقد وجهت القيادة السياسية بضرورة القضاء على قوائم الانتظار في المستشفيات والتي أدت لنتائج ممتازة في تقليل قوائم الانتظار والحقيقة أن العاملين بالقطاع الصحي يدركون جيداً أن قوائم الانتظار غير متعلقة فقط بالعمليات الجراحية وإنما أيضا بالخدمات السابقة لإجراء العمليات من فحوصات مطلوبة.
فالاستفادة من التجارب القائمة مسألة ضرورية جداً خاصة إذا ما كانت ناجحة ولدينا نموذج قائم علي المستوى المحلي بمصر في مستشفيات الجمعيات الأهلية عمل على إجراء تعاقدات بنظام الشراكة بينها وبين شركات القطاع الخاص في عدة خدمات تقدمها مثل مستشفى مدينة نصر التخصصي التي شاركت علي وحدات الأشعة والقسطرة و الرعاية المركزة ومعامل التحاليل وعيادات الأسنان والعلاج الطبيعي وكان لما لها من سمعة سابقة ولأعداد المترددين عليها دور كبير لقبول الشركات للدخول في شراكة معها وفرغت إدارة هذه المستشفيات نفسها لتخطيط وتطوير وتنمية موارد المستشفيات والرقابة والإشراف علي الشركاء للحفاظ علي جودة الخدمات المقدمة وبالأسعار المتفق عليها ومتابعة ملف المريض ومتابعة مؤشرات الموارد باستمرار وعمل تحليل للبيانات بشكل دائم.
كل ما سبق يدعم أن لدي وزارة الصحة القدرة علي تنفيذ ذلك حيث أن لديها العديد من نقاط القوة التي تهيئ نجاح هذا المشروع ، فعدد المستشفيات المنتشرة في مصر 533 مستشفى في مواقع متميزة تسهل حصول المواطنين علي الخدمات ووجود المساحات الغير المستغلة التي يمكن استثمارها وهي أصل من أصول الدولة ، ويعتبر في هذه الحالة غير مستغل وتحقيق ذلك سوف يؤدي إلى إدارة دخل من خلال نظام الشراكة والتي ستساهم في تغطية النفقات من خلال إدارتها بفكر القطاع الخاص مع الحفاظ على تقديم الخدمات كما هي للمؤمن عليهم ولكن بجودة أعلى دون تكلفة جديدة ، ويمكن هنا الاستناد إلى منظومتين في نفس الوقت أسعار مستشفيات الجمعيات الأهلية ومستشفيات المؤسسة العلاجية أيهما أقرب إلى التأقلم مع تقلبات الأسعار والسرعة في التعامل مع المتغيرات التي تحدث يومياً في السوق.
أهمية الشراكة في الخدمات الصحية أنها ستوفر الكثير من النفقات وسوف تُدر دخلاً على هذه المستشفيات إذا ما تم الاستفادة من تجربة الجمعيات الأهلية في إدارتها وتشغيلها، وهناك تجارب دولية في الشراكة بين القطاع العام والخاص في إدارة وتشغيل المستشفيات في السعودية لتأمين خدمات الغسيل الكلوي بالمملكة، فالمنظومة الصحية تحاول باستمرار أن تعالج كافة القضايا والاستفادة من تجارب الدول المجاورة وأن نبدأ من حيث انتهي الآخرون هو أفضل سبيل لتحقيق الأهداف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.