محمد أيمن سالم يكتب | الأحزاب ليست إصلاحيات سياسية

0 432

أدهشني حديث ممثل حزب المحافظين في مناظرة حوارية نظمتها تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، للاستماع لوجهة نظر الحزب وتفسيره للمقترح الذي تقدم به بشأن حرمان المنتقل من حزب إلى حزب من ممارسة العمل السياسي لمدة 3 سنوات.
وصف السيد نبيل مراد، المستشار الأول لحزب المحافظين، المتنقلين بين الأحزاب بـ “السياسيين المتجولين” وهو لفظ نتحفظ عليه بشكل كامل، وقارن بين ما فرضه القانون من حق الممارسة السياسية في عمر محدد والانضمام لحزب واحد فقط في الوقت ذاته، بالطرح الذي قدمه الحزب معللًا أن الحزب يطلب ممن يغادر الحزب أن يأخذ وقتًا كافيًا للتفكير قبل الانضمام لحزب آخر، وكأن الحزب أصبح واصيًا سياسيًا يفرض على المواطن مدة زمنية للتفكير ولا ينضم لحزب آخر قبل تحقيق الاستقرار الفكري والسياسي.
استعان مستشار الحزب بتجربة إيطاليا في الأحزاب مشيدًا بها، مدعيًا أن القانون الإيطالي يفرض مدة سنة حظر على العضو حال انتقاله من حزب لحزب بشرط أن يكون تم انتخابه على منصب برلماني بسبب انتمائه للحزب، وبتواصلي مع عدد من الزملاء المقيمين في إيطاليا أكدوا أن الانتقال من حزب لآخر يحدث ولا يعاقب من يفعل ذلك سوى بنظرة الناخبين له، وفي كلتا الحالتين هل هذه هي التجربة الدولية التى نشيد ونمتثل إليها؟ الأولى أن يحدثنا مستشار الحزب عن تمثيل حزبه البرلماني، وكوادره المؤثرين في الحياة السياسية، وكوادره من الشباب، يحدثنا عن أطروحاته السياسية والحقوقية التى عادت بالنفع على المواطن المصري.
ياسادة المشاركة السياسية هي أحد أسس الديمقراطية التي لابد من أن تعمل الأحزاب على تعزيزها بدلًا من تقيّدها، ونرى أن طرح الحزب غير موفق لأنه يمنع أحد الأسس الديمقراطية التي نطالب جميعًا بتعزيزها، لم يلاحظ ممثل الحزب عزوف قطاع كبير من الشباب عن المشاركة في الأحزاب، ولم يبحث عن الأسباب، بل اقترح أفكارًا من شأنها تعزيز الفجوة بين الشباب والأحزاب، ومنها مقترح يحظر على الشباب الانتقال بين الأحزاب ويعاقبهم بالحرمان من حقهم الدستوري لمدة 3 سنوات، فهل يا ترى ينظر المحافظون للأحزاب السياسية على أنها سجون رأي ومعتقلات فكر.
الفكر السياسي متجدد والمبادئ الفكرية متطورة وفقًا لمتغيرات الحياة، فربما يلتحق المواطن بحزب من الأحزاب ويجد به فسادًا ماليًا أو وجهة نظر مخالفة لمعتقداته ومبادئه، فلا يمكنه الخروج من الحزب؟ هل أصبح العمل السياسي حكرًا على فئة بعينها؟
فالطرح الذي تقدم به الحزب ما هو إلا نموذجًا لقوانين الاستعباد التى عفى عليها الزمن، ورسالتنا للسادة قادة الحزب: «يمكنكم معالجة أسباب الاستقالات المتزايدة من حزبكم متى وجدت، بطرق مختلفة غير الاحتكار، فمبادئ الفاشية السياسية غير معترف بها في مصر، بل ومتعارضة مع مبادئ الجمهورية الجديدة.
كنت أتمنى أن أستمع لأطروحات سياسية تجذبني فكريًا لأجندة حزب المحافظين، ولكن الطرح وقع على نفسي وقع إعلان صريح لاحتلال عقولنا والسيطرة على إرادتنا الحرة وتخويفنا من المساهمة بالآراء في قضايا الوطن، أو الانضمام لأي من الأحزاب.
ختامًا أدعو القائمين على حزب المحافظين العريق أن يعيدوا النظر فيما طرحوه ويتحلوا بشجاعة الاعتذار إن اقتنعوا، فالانتماء لا يمكن أن يكون بالإجبار والتهديد، اعقدوا حوارات داخلية واستمعوا لشبابكم وخبراء القانون، وناقشوا ما يهم المواطن وقدموا مقترحات تيسر علينا أمور حياتنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.