احمد سلطان يكتب | النفط .. مفاجأة العرب أكتوبر

0

لم يكن الانتصار الذي حققته القوات المسلحة المصرية، في حرب السادس من أكتوبر عام ١۹٧٣ على إسرائيل، بفعل الخطط العسكرية والاستراتيجية الحربية فحسب، بل كانت الحرب الاقتصادية التي شنتها الدول العربية أعضاء أوبك على المعسكر الغربي الداعم لإسرائيل خير دليل على الموقف العربي تجاه مصر، ودور سلاح النفط الاستراتيجي في دفع الراية نحو الجانب المصري لحصد الانتصار التاريخي وإجبار إسرائيل على الانسحاب من المناطق العربية المحتلة.
لقد كانت تلك التجربة ثمرة من ثمار مطالبة عربية امتدت على مدار عقود من التاريخ العربي المعاصر، إذ حذر العرب الغرب منذ بدء الصراع العربي -الإسرائيلي باستخدام النفط سلاحاً في معركتهم الى أن جاءت تلك الخطوة في تلك الحرب. حيث أصيب العالم الغربي بالصدمة حين وقف الناس في طوابير أمام محطات الوقود، وقررت حكومات سويسرا، وألمانيا، والدانمارك، وغيرهم فى أوروبا حظر قيادة السيارات يوم الأحد، وفي هولندا، حثت السلطات على استخدام الدراجات الهوائية.
وكان الأمر صعبًا على اليابان التي تعرضت لضغوط عربية نفطية من أجل قطع علاقاتها مع إسرائيل.
كانت نتيجة إدخال النفط العربي، في الميدان السياسي، أن العرب في الفترة التي أعقبت حرب أكتوبر شهدوا عصرًا ذهبيًا، إذ باتت عواصمهم محطات في طريق الرؤساء والزعماء ورجال السياسة والدبلوماسيين من مختلف الدول، وصارت مطالبهم وقضاياهم بؤرة اهتمام ووعود، بل وتنفيذ في بعض الأحيان.
قد أدى قرار حظر تصدير الدول العربية النفط للغرب للفوضى والاضطراب في الاقتصاد العالمي، حيث رفع سعر النفط إلى حوالي أكثر من ٧٠٪، ثم ١٠٠٪، وتواصلت الارتفاعات، لتسهم في تصحيح أسعار النفط لأول مرة في تاريخه، ولم يكن ذلك هو التطور الإيجابي الوحيد في ثمار استخدام النفط العربي في السياسة، إنما كان من جملة النتائج الإيجابية تزايد هائل في عائدات النفط العربي بفعل ازدياد الطلب العالمي عليه، مما أدى إلى زيادة مستويات الإنتاج، وبالتالي زيادة العائدات.
فى الواقع، إن الدول الصناعية الكبرى فوجئت بالموقف العربي بإدخال النفط كسلاح استراتيجي فى حرب ٧٣، إذ إن العرب أدرجوا ذلك التهديد باستخدام النفط لدعم مواقفهم السياسية منذ سنوات طويلة، لكنهم لم يفعلوا ذلك، وصار الأمر جديًا فى حرب أكتوبر، فلم يُعد أمام الدول الصناعية، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا سوى مواجهة الواقع باعتماد خطط واستراتيجيات بديلة، من خلال البحث عن مصادر أخرى للطاقة البديلة، وبدأت التوجهات البحثية في هذا المجال تنتعش وتتطور في أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، كما سعت هذه الدول إلى اتباع سياسات من شأنها إيقاف الدول العربية عن استخدام النفط مرة أخرى كسلاح استراتيجي.
مجمل القول، رغم مرور نحو ٥٠ عامًا على حرب أكتوبر العظيم، إلا أنه مازال هناك الكثير من الأسرار والحكايات التى لم ترو ولا تعلمها الأجيال التى لم تعش فترة هذه الحرب. فقد كان سلاح النفط الاستراتيجي مفاجأة الحرب الاقتصادية التي شنتها الدول العربية على المعسكر الغربي الداعم لإسرائيل، وساهم في دفع الراية نحو الجانب المصري لحصد الانتصار التاريخي المجيد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.