باسم أيمن محمد يكتب | كيف تفكر إسرائيل في استمالة الشعوب العربية؟

0

منذ  اللحظات الأولي لوجود الكيان الصهيوني في الشرق الأوسط، وهو مدرك مدي قوة الدول العربية، فعلي الرغم من هزيمته للعرب في حرب ١٩٤٨، واحتلاله لسيناء، وهو يسعي دائمًا لتشتيت الوحدة العربية والغاء الهوية العربية، والتي اتضحت قوتها بشكل مباشر في حرب أكتوبر، وكانت حرب اكتوبر إثبات حقيقي لإسرائيل والولايات المتحدة علي قوة العرب، وتمثلت في قدرة مصر علي تجميع الإرادة العربية وتوحيدها ضد الكيان الصهيوني.

أدركت إسرائيل أنها لن تستطيع فرض وجودها في الشرق الأوسط، وتحقيق حلمها في أن تصبح القوة الإقليمية الأكبر في المنطقة، إلا بتفريق العرب، وتفتيت وحدتهم، بدأت هذه الحركة مع توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، اخذت إسرائيل تصور للعرب أن مصر اعترفت بإسرائيل كدولة لها كيانها في الشرق الأوسط، مستغلة رفض الرئيس المصري الراحل أنور السادات، طلب الدول العربية بالاستمرار في الحرب والوصول إلى غزة، وأخذت تفرق بين مصر والدول العربية، وهي دائما ما تسعي لأن تكون القوة العظمي في المنطقة، وحينما أدركت النمو العسكري السريع للعراق، اخذت تروج بمساعدة الولايات المتحدة، أن الحكومة العراقية هي حكومة استبدادية تسعي لاستعمار الدول الموجودة في المنطقة، مستغلة التدخل العسكري للعراق في الكويت، وبالفعل استطاعت التفرقة بين الدول العربية في الجامعة العربية، وتمكنت من ابتكار الاختلافات في التوجهات داخل الجامعة، ولكن ابتكارها الاختلافات في الجامعة العربية، ودعمها العسكري والمالي للكويت في حرب الخليج الاولي، لم يتمكنا من الإيقاع بالعراق، فاستغلت الولايات المتحدة أحداث ١١ سبتمبر و إصدارها لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكية التي صدرت في ٢٠ سبتمبر ٢٠٠٢، والتي تقوم علي مبدأ الحرب الاستباقية، وغزت العراق بحجة حماية حقوق الإنسان وتطبيق الديمقراطية، وبالفعل استطاعت القضاء على القوة العسكرية الاكبر في المنطقة في ذلك الوقت، ولكن ادركت اسرائيل والولايات المتحدة أن القوة الصلبة وحدها لن تكفي لإحداث تغيير في الشعوب العربية، وتقبلها لفكرة وجود إسرائيل، خاصة أن  هذه التدخلات العسكرية تزيد من عداء العرب للولايات المتحدة وإسرائيل، وبدأت تستخدم القوة الناعمة، وفكرت أنه لابد من حدوث انفتاح ثقافي للعرب تجاه الغرب، مستغلة التطور التكنولوجي، فإسرائيل و الولايات المتحدة يعلمان جيدًا، مدي كره الشعوب العربية للكيان الصهيوني، وبدأت تستخدم التقنيات الجديدة في التكنولوجيا، لمحاولة تغيير افكار العرب حول الكيان الصهيوني، لدرجة انها خصصت قنوات تلفزيونية وبرامج باللغة العربية، لتشد الشارع العربي، وبمساعدة الولايات المتحدة، بدأت تروج لمدي تقدمها ورفاهيتها، وأنها دولة ديمقراطية حقيقية، تطبق الديمقراطية ،  وتبرز مدي التقدم الاقتصادي التي حققته وحالة الرفاهية التي يعيشها الاسرائيليون، كل ذلك، باستخدام العنصر الرئيسي للهوية والثقافة العربية، باستخدام اللغة العربية، وأخذت توضح العيوب الموجودة في الدول العربية، وكيف أنها دول استبدادية لا تطبق الديمقراطية، ومدي التدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، وكان لهذا الأسلوب دور كبير جدًا في اشتعال الموقف في حركة الربيع العربي، والتي نتج عنها تغير جذري في الاوضاع الداخلية والخارجية للعديد من الدول العربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.