جمشيد إبراهيم يكتب | المشكلة مع الشفافية

0

الشفافية هي أن تعرف النوايا والحقيقة، أو هي الصراحة دون لف ودوران، وهي كفيلة بزرع الثقة في العلاقات البشرية لذا يطالب الانسان في السياسية والتجارة وغيرها من النواحي بالشفافية ولكنه ينسى بان الشفافية صريحة قد تصيبك بصدمات وجلطات قلبية إذا كانت الحقيقة قاسية. ينسى الانسان أيضًا أن الابداع والتفكير البشري لا يرتكز على الشفافية بل على الغموض.
في الغموض ازدواجية لا تعرف نوايا وحقيقة المقابل فعليك ان (تشغل) فكرك وتأخذ بنظر الاعتبار جميع الاحتمالات وهذا يعني ان في الغموض حركة وحياة ومحرك للإبداع. اللغة هي بطبيعتها غامضة تختلف عن العلوم المبنية على الدقة كما في الرياضيات احيانا (واحد + واحد = اثنان) فعندما تتكلم قد تعني العكس مثل (تفضل) في (تفضل من غير مطرود) لذا فان اللغة قادرة أن تلعب على معاني الكلمات وتستعمل صور المجاز والاستعارة لتحثك على التفكير كالفيلم الغامض أو القصة الغامضة لا تعرف كيف ستكون النهاية تشدك إلى الشاشة الى الاخير لترى النتيجة أو الحل.
فلو انتشرت الشفافية في الحياة لأصبحت مملة ميتة لأنك تعرف النتيجة من البداية، يموت في الشفافية التشويق والانتظار والتفكير والقلق يدب الغموض الحياة في الفكر الفضولي لتزداد الاسئلة. يزود الغموض اللغة بقوة وسلطة وطاقة رهيبة تستطيع أن تمزح في الجد وتتكلم بجد في الهزل وتضيف معاني كثيرة على كلمة واحدة أو تتكلم بين السطور لغرض ما أو كي لا يفهم الثالث تتطور اللغة والحياة بفضل الغموض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.