حسن مدن يكتب | العالم يتراجع ولا يتقدّم

0

صحيح أن هناك اكتشافات علمية مذهلة، وتقدماً تكنولوجياً غير مسبوق. وهناك اختراعات كثيرة جديرة بأن تجعل حياة الناس أسهل قياساً بالأجيال السابقة. هذا ما يبدو في الظاهر، وهو صحيح على أية حال. ولكن العالم لا يتقدّم وإنما يتراجع.
من يقول ذلك هي المنظمة العالمية الأهم في العالم كله، هيئة الأمم المتحدة، التي أوضحت في تقرير جديد لها أن عقوداً من التقدّم في مستويات متوسط ​​العمر المتوقع والتعليم والازدهار الاقتصادي، بدأت في التراجع منذ بداية جائحة «كورونا». والجائحة لم تعد فتّاكة كما كانت قبل عامين مثلاً، ولكن الآثار السلبية التي خلّفتها مستمرة وستبقى لفترة قد تطول.
ليست «كورونا» وحدها هي السبب. هناك الحرب في أوكرانيا، التي أصبحت حرباً بين روسيا من جهة وحلف «الناتو» بكامله التي يخوضها بالوكالة من جهة أخرى، عبر ضخّ ترسانات أسلحة مهولة ومتطورة إلى كييف، ناهيك عن حزم الدعم المالي لها، ويبدو أن الطمأنينة التي سادت العالم على مدار عقود باستحالة نشوء حرب عالمية جديدة، تبددت، فالغالب اليوم هو الخوف من مثل هذه الحرب.
حسب تقرير الأمم المتحدة المشار إليه فإن تسعاً من كل 10 دول تراجعت إلى الوراء في مؤشر التنمية البشرية، ويعزو التقرير ذلك أيضاً إلى تأثير التغيّرات المناخية، إضافة إلى «كورونا» والحرب في أوكرانيا، موضحاً أن الانتكاسات في غالبية الدول ال 191 المدرجة في المؤشر، خاصة في متوسط ​​العمر المتوقع، أعادت مستويات التنمية إلى مستويات عام 2016، ما عكس اتجاه 30 عاماً من التقدّم.
صحيح أنه، وعلى مرّ السنين، منذ أن اعتمد هذا المؤشر للتنمية من قبل المنظمة الدولية، واجهت العديد من البلدان أزمات وانخفضت مؤشراتها إلى الوراء، لكن الاتجاه العالمي العام كان دائماً ما يتحرك صعوداً. وطبيعي أن هذا يعيدنا إلى ما جرى التعارف عليه ب«التقسيم الدولي للعمل»، ففيما انتعش اقتصاد ثلثي البلدان الغنية العام الماضي، استمرت معظم البلدان الأخرى في التراجع.
بني مؤشر تقرير هذا العام على بيانات من عام 2021، لكن واضعيه يؤكدون أن التوقعات لعام 2022 «قاتمة».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.