حسين عبدربه يكتب | العالم… بين اليوتوبيا والديستوبيا

0

اليوتوبيا والديستوبيا هي مصطلحات أدبية، حيث ظهر مصطلح (اليوتوبيا)لأول مرة في القرن السادس عشر حينما كتب توماس مور_رواية بهذا الاسم، تحدث فيها بنظرة خيالية عن مدينة فاضلة تطغى عليها المثالية في تقاليدها وأعرافها. حيث تخيل أنها جزيرة لا يوجد بها اختلاف بين ساكنيها، وجَسدها وكأنها واقعية، وأن المجتمع تسود فيه الفضيلة، لا خرق لأي قانون، الجميع يعيش فيه بمساواة، كانت تلك هى بداية مصطلح (اليوتوبيا) الذي داعب الكُتّاب فيما بعد في شتى بقاع الأرض، الكل يكتب عن اليوتوبيا بمنظوره وتوجهه، فقد يكتب شخص عن اليوتوبيا لكنه يرى عدم وجوب المساواة بين الغني والفقير، بينما يكتب آخر أنه يمكن أن توجد مساواة ولكن نسبية، أي أن النظرة لليوتوبيا، المدينة الفاضلة تختلف؛ والاختلاف هنا ليس في أساس اليوتوبيا لكن في تشعباتها الاجتماعية، أي أنها تختلف من منظور شخص إلى آخر.
أما (الديستوبيا) فهو مصطلح ظهر في رواية الكاتب الإنجليزي جوزيف هول بعنوان(عالم جديد وقديم) يشير إلى المدينة الفاسدة التي يطغى عليها الظلم والفساد وعدم المساواة، حيث جَسد الكاتب خلالها عن تجرد ملامح الإنسانية، وإنهيار القيم والمبادئ وغياب المساواة وكثرة الاختلافات بين سكان الديستوبيا، وأن مجتمعها مليء بالحروب والدمار.
ظهر مايسمى الأدب الديستوبي والذي نسج خلاله الكُتّاب شكل للحياة المأساوية، المليئة بالحروب والدمار الذي يسود ويُسوّد الحياة. ولكن اليوم في هذا العالم المليء بالصراعات والحروب والمؤامرات وعدم المساواة في كل مكان، ونظرة الدول التي يطلق عليها دول كبرى إلى بعضها البعض، وكثرة الحروب بشتى أشكالها، ماذا يسمي أو أي المصطلحات يمكن أن نُطلقها عليه؟ هل اليوتوبيا المليئ بالفضيلة والمساواة؟ أم الديستوبيا الذي يطغى عليه الظلم؟ أم هو بين الأثنين؟
يرى البعض أن هذا العالم الآن يتأرجح بين اليوتوبيا والديستوبيا، وقد يرى البعض أنه يميل إلى الديستوبيا وهذه رؤية ليست خاطئة، لكن ملامح اليوتوبيا مازالت موجودة حتى وإن كانت القيم تُصارع لكنها موجودة، والتقاليد في كل بلد مازالت سارية وتُطبقها الشعوب فيما بينها، رغم تطور الحياة وأشكال التكنولوجيا المتعددة التي تُستخدم بشتى أشكالها في الحروب، ورغم كثرة الصراعات من القوى الكبرى والإستعمارية والإحتلالية، ورغم أن الحروب تغيرت عن السابق حيث كانت في القرن الماضي وماقبله لها شكل واحد وهو الحل العسكري حيث تتقابل الجيوش؛ لكن اليوم أصبحت هناك حروب تَحدث دون إطلاق رصاصة واحدة وهذا تطور غير محمود يُضاف إلى الديستوبيا، لكن رغم كل مايحدث في العالم من تغيرات وتطورات مازالت القيم والعادات والمساواة وكل القيم التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى موجودة لنحيا في سلام ونُعمر الأرض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.