جهاد حبيب يكتب | النرجسي وأنا

0 610

النرجسي هو إنسان داخله هش، مُحب لذاته، لا يعرف معنى التعاطف، متصنع الثقة بالنفس، ومُحب للسيطرة والتقليل من شأن الآخر، ماهر بالخداع والنفاق والكذب، أناني مصاب بداء العظمة، متنمر حسود وغير ناضج عاطفيًًّا، لا يتقبل النقد، ويبالغ في استعراض إنجازاته ومواهبه، يعاني من الغيرة المُفرطة، ولا يمتلك أدنى مشكلة في الصعود على كتف الآخرين؛ للوصول إلى مُبتغاه، سريع التقلب المزاجي كالفصول الأربعة، مُحب للمديح والإعجاب والاطراء من الآخرين، ممثل بارع يدعَّي الذكاء لكنه على النقيض متلاعِب. لكن ما أسباب كل ذلك؟ تعود النرجسية إما لأسباب بيئية، أو لعلاقتهم بالآباء القائمة على فرط التدليل أو فرط النقد، فعلاقتك يا عزيزي القارئ بالنرجسي أشبه بدخولك بحر من الرمال، أو مستنقع من الوحل لا تدري متى وكيف غاصت قدماك فيه.
فكيف يمارس نرجسيته؟ يختار ضحيته بعناية شديدة كأنها مرآة؛ لتعكس له ما يتمناه من الصفات داخله، وتنبهر به وتمدحه، وتحقق له أحلامه، وتكون خاد ما مطيعا ، أو أشبه بعروس المار يونيت، فهو لديه خطة مُمنهجة ومدرُوسة؛ للإيقاع بضحيته، بدايتها قصف الحُب وإيهام الضحية أنها لا مثيل لها، وعند ضمان تعلق الضحية به وشعورها بالأمان، وصعوده بها إلى السماء السابعة، يردها إلى أسفل السافلين، وهنا تبدأ المرحلة الثانية من الخُطة، فدائما ما يحُقر من الضحية ويمتهنها، يمُارس عليها حيل نفسية مثل: الإسقاط، والتجاهل، والإذلال، وتشويه السمعة، وإفشاء الأسرار، والصمت العقابي، وعزلها عن المحيطين بها، ويعطيها إشارات متضاربة؛ ليزعزع ثقتها بنفسها، ويشككُ في قدراتها العقلية، فيشعر ضحيته بالذنب، وأنها المتسببة في أي مشكلة؛ ليحصل منها على وقود، إما إيجابياًّ بالمدح، أو سلبياًّ بتعرضها للانهيار، أو بصدمة تخلق رابطا مأساوياًّ بينه وبين ضحيته؛ لإبقائها متعلقة به، ناهيك عن إدخال طرف ثالث في العلاقة، ثم بعدها مرحلة الإلقاء والتخلي، وربما يعود مرة أخرى؛ للحصول على وقود يتغذى عليه من الضحية، أو لضمان تدميرها وعدم قدرتها على المضي قد ما في حياتها. فالنرجسية لا علاج لها؛ لأن النرجسي يصعب عليه الاعتراف بأخطائه، أو بوجود مشكلة أو اضطراب، فهل هناك استهداء للشيطان أواستتابته؟ لكنه ربما يقوم بمراجعة الطبيب لأسباب أخرى مثل: الاكتئاب، أو الإدمان، وغيرها. ولكن الضحية علاجها هو تجنب النرجسي، والثقة بالنفس، والنجاح، وخلق حدود قوية بينك وبينه، وخلق علاقات اجتماعية، والثبات على المبدأ والموقف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.