حنان بديع ييكتب | الثقة بالآخرين .. براءة أم تآمر على النفس؟
جميعنا نتعرض لمواقف صعبة ومؤلمة بسبب ثقتنا المفرطة بالآخرين فيصبح عدم توافر أحد نثق به مصدر لألمنا الكبير، إذ تعتبر الثقة من أسباب العيش الهني وبالثقة يعيش الإنسان في راحة بال تشبه راحة بال الأطفال أحيانا، لكن الثقة حتماً لا تأتي اعتباطاً ولا تذهب اعتباطاً فنحن نثق بالآخرين عندما نقتنع اقتناعاً تاماً بأن الشخص الموثوق به لن يخذلنا أبداً، الثقة ليس هدية نمنحها للآخر بل هي تاريخ من المواقف، المواقف التي تمنحنا صديق مدى الحياة أو درس مدى الحياة، لكن متى نفتقد هذه الثقة وما هي الطعنة الأكثر إيلاماً؟
في الحقيقة نشعر أن الآخر قد جرح ثقتنا به جرحاً لا يندمل عندما يكذب أو لا يفي بالوعود ثم يبقى الغدر من أكثر الأسباب إيلاماً لما له من أضرار نفسية وخيبة قد تصيب الإنسان بالتوجس من الآخر وعدم الشعور بالأمان ثم توقع الغدر والخيانة دائماً! عدا ذلك فإن هناك أسباب قد تعود لتجارب الإنسان الموغلة في القدم كالتعرض لعدم الرعاية والاهتمام في مرحلة الطفولة.
يقول الأديب الألماني يوهان جوته: “أن تخسر شخصاً بسبب الموت يبدو أقل إيلاماً من خسارته لانعدام الثقة, ذلك أن الموت يقضي على المستقبل فقط، لكن الخيانة تقتل الماضي أيضاً”..
لذا هي اللحظة الأقسى على الإطلاق لحظة خيانة الثقة بعد العشرة الطويلة..
وإذا كان حسن الظن هو بوابتنا لبناء الثقة بالآخر، فإنه يبدو سلاح ذو حدين، فكيف نحسن الظن بعد ما تعرضنا للخذلان؟ وكيف نحب دون أن نثق؟؟
نفعلها أحياناً، نعم فثمة شيء في الحب يشبه الإيمان، نوع من الثقة العمياء، الشعور بالنشوة وطعم السعادة فقط لأننا لا نريد أن نصدق أننا نعشق قاتلنا..
على أية حال قد لا نستطيع أن نملأ جعبتنا بمشاعر الثقة والأمان مرة أخرى لكننا على أقل تقدير نستطيع أن نعزي أنفسنا من خلال الاعتراف بأن المثالية غير موجودة في الطبيعة الإنسانية لذلك فإن حدوث الأخطاء يصبح أمر طبيعي جداً، ولأن الإنسان بطبيعته البشرية يخطىء ويصيب يجب تهيئة النفس لأي غدر أو خيانة أو خذلان حتى لا نتعرض لخيبة أمل قاسية، ذلك أن عدم الثقة بالآخرين يؤلمنا ويدفعنا قسراً لعيش حياة باردة خالية من العلاقات، لكن ماذا عن الثقة العمياء، هل هي براءة طفولية أم تآمر على النفس؟ أم هي قمة الشجاعة؟