د. أحمد سلطان يكتب | غاز شرق المتوسط .. قوة الناعمة مصرية

0 1,584

مما لا شك فيه بأن إنشاء منظمة حكومية في مجال الطاقة في شرق المتوسط منح هذه المنطقة زخمًا كبيرًا على المستوى العالمي، ولذلك بادرت الدولة المصرية بطرح فكرة إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط وذلك من خلال القمة الثلاثية والتي أقيمت في جزيرة كريت في أكتوبر من عام ٢٠١۸ وذلك بين زعماء مصر وقبرص واليونان، والفكرة لاقت استحسانًا كبيرًا وواسع النطاق من معظم دول المنطقة سواء من المنتجين أو المستهلكين للغاز الطبيعي أو دول العبور، وتم بالفعل تأسيس المنتدى، وفى أقل من ٢٠ شهرًا، تم الانتهاء من التوقيع الرسمي لميثاق المنتدى من قبل الدول السبع المؤسسة في سبتمبر من عام ٢٠٢٠ ودخول الميثاق حيز النفاذ وذلك في مارس ٢٠٢١، والذي بمقتضاه أصبح المنتدى منظمة دولية حكومية في منطقة شرق المتوسط، مقرها القاهرة، ويُمثل منتدى غاز شرق المتوسط فرصة قوية للدول المتوسطية بهدف تحقيق تعاون أكبر يعود بالنفع عليها، وخصوصًا مع وجود احتياطات كبيرة من الغاز في هذا الإقليم، التي تقدر بنحو أكثر من ١٢٢ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وفي ظل الغزو الروسي لأوكرانيا أصبحت أوروبا تحتاج إلى حل استراتيجي فيما يتعلق بقضية إيجاد بديل وإمدادات آمنة ودائمة للغاز الطبيعي، ولذلك فإن جميع أنظار تتجه إلى غاز شرق المتوسط والذي يعتبر منذ سنوات طويلة أمل دول القارة الأوروبية بهدف حل أزمة اعتمادها الدائم على الغاز الروسي، تحقق هذه الاكتشافات الهائلة بشرق المتوسط أيضًا مصالح اقتصادية ومكاسب تجارية مباشرة لعدد كبير من الدول الأوروبية، حيث توجد دولتان لهما علاقة مباشرة باستغلال هذه الاكتشافات، وهما اليونان وقبرص، كما أن هناك دولتين لهما مصالح اقتصادية في اكتشافات الغاز بالمنطقة وهما دولتي فرنساوإيطاليا بسبب الاستثمارات الضخمة لشركتي توتال وإيني، وأيضًأ يعزز منتدى غاز شرق المتوسط دور الدول المنتجة للغاز في شرق المتوسط، لتكون مورداً رئيسياً لدول أوروبا في مجال الغاز، حيث يسمح المنتدى بوجود تنسيق وتعاون بين والدول الكبرى المنتجة للغاز في المنطقة لزيادة معدلات إنتاج الغاز، وإعادة تسييله وتصديره لأوروبا، ونظراً لأن مصر هي الدولة الوحيدة فى منطقة شرق المتوسط التي تمتلك محطات لتسييل الغاز في شرق المتوسط، وأيضًا من الممكن تحويل غاز شرق المتوسط إلى مصر عبر أنابيب صغيرة نسبيًا ثم يتم بيعه كغاز مُسال (LNG) إلى أوروبا، بالإضافة إلى أن أكبر الحقول المكتشفة موجودة في المياه المصرية وهو حقل ظهر، بالإضافة للدور الذي تلعبه القاهرة ضمن منتدى غاز شرق المتوسط، وبالإضافة إلي الاستفادة من خطوط الأنابيب المزمع تدشينها لاحقاً بين مصر، واليونان وقبرص، لزيادة كميات الغاز المصدرة لأوروبا.
ويُمثل تحول مصر إلى قاعدة لإمداد أوروبا باحتياجاتها من الغاز أمراً حيويًا للطرفين، حيث إن هذا الأمر يعطي لأوروبا قدراً كبيرًا من الاستقلالية في مواجهة الدب الروسي، ويمنح مصر فرص تعظيم صادراتها من الغاز الطبيعي لأوروبا، وتبذل مصر جهوداً ومساعي كبيرة لتعظيم قدرات البنية التحتية للطاقة على مستوى الدولة بأكملها، بهدف تداول ونقل وتصدير الربط مع دول الجوار.
ختامًا، منتدى غاز شرق المتوسط أعاد مفهوم أمن الطاقة العالمي، حيث أصبح الآن منظمة عالمية ودولية وبمعايير قوية وخلال فترة قصيرة وشهد تطوراً ملموسًا وكبيراً، وأصبح منصة دولية مهمة لأنشطة الغاز إقليميًا بما تضمن التعاون الإقليمي والعالمي الناجح، ويُشكل خطوة هامة للدولة المصرية على طريق تعزيز دورها الدبلوماسي في سوق الطاقة العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.