د. رغدة محمود حمود تكتب | دعونا نختلف بتحضر

0

الاختلاف قديم قدم الإنسان في هذه الأرض وهو سمه طبيعية خلقها الله عز وجل فى البشر فمادام الناس يختلفون فى ألوانهم وألسنتهم وطبائعهم وطرق معيشتهم وفى البيئة التى ينتمون اليها وفى الثقافة التى يتأثرون بها , فإنهم لاشك يختلفون فى أرائهم وأفكارهم وأهدافهم وخططهم , نولد أخوة من نفس الأب والأم وننشأ فى نفس البيئة ولكلاً منا مفاهيمه وأهدافه , نولد من البداية مختلفين وتزيد البيئة ومعتركات الحياة من ذلك الاختلاف … وهذا الاختلاف أساس التميز والتفرد لكلاً منا … وعليه لابد من الإقرار بأن التنوع والإختلاف الإنسانى مصدر ثراء للوجود البشرى , الاختلاف يجعلنا نكمل بعضنا البعض …لو تطابق الجميع ما استقامت الحياة.
تتعدد دوافع الاختلاف بين الناس فالاختلاف سنه من سنن الحياة فالإختلاف فى الطبع ووجهات النظر والسمات الشخصية والتوجهات أمر طبيعي، ولكن يجب علينا أن نتعلم الإتفاق رغم وجود تلك الإختلافات بيننا لأن الإختلاف هو أولى خطوات الاتفاق.
كما أنه أمر طبيعى بسبب الإختلاف فى النشأة والتربية والطبائع النفسية والمكتسبات الثقافية والمعرفية والأوضاع الإجتماعية والبيئية والقيم والأولويات والإتجاهات , والأهم من إدراكنا أننا مختلفين فيما بيننا هو القدرة على قبول وإحترام تلك الإختلافات الفردية وما لها من تأثير كبير على حياتنا اليومية وسلوكنا تجاه الأخرين.
السؤال الأهم هنا هل يمكننا أن نحترم اختلافنا؟ هل يمكننا أن نستثمر ذلك الاختلاف؟ هل يمكننا أن نجعله نواة لتوحيد الرؤى والجهود؟ هل يمكننا أن ندير اختلافنا بطريقة متحضرة وراقية؟
ببساطة قدرة الأفراد على الإتصال الفعال تعتمد على إستيعاب الإختلافات الثقافية فيما بينهم وهذا الإستيعاب يتضمن تقبل هذه الاختلافات واحترامها.
كما أن لإدارة الإختلافات بين الأفراد بطريقة إيجابية دور كبير تقوم به فى تطوير وتحسين شخصياتهم وأدائهم، ومن أهم مزايا إدارة الإختلافات الثقافية بطريقة إيجابية سليمة تقليل حدة الصراع وتحسين العلاقات الإنسانية وزيادة القدرة على حل المشكلات المختلفة نتيجة إثراء الحلول البديلة وتنميتها.
لذا فهناك جانب إيجابى للإختلاف يتمثل فى أنه يمكن أن يكون حافزاً للتغيير، كما أنه يوطد العلاقات بين الأفراد عن طريق الحوار الهادف والنقاش حول موضوع الاختلاف، ولكن غالباً ما يتم إستبدال الإختلاف بالخلاف وتسفيه الأخر والمصادرة على رأيه مما يؤدى الى إتساع الفجوة بين الطرفين.
لذا يجب الاهتمام بتنمية العناصر البناءة لحسم الإختلافات بين الأفراد وإدارتها بطريقة سليمة ومنها إحترام الرأى الأخر وإلتزام الأدب فى الحوار وحصر نقاط الإختلاف فى نهاية الحوار وبيان الصواب والخطأ منها والتكافؤ بين الطرفين وإعطاء الفرصة لجميع الأطراف التعبير عن رأيها، والسعى لمعرفة الأخر وقبول خصوصياته والاحتكام إلى الموضوعية.
مما يساعدنا أن ندرك العناصر الإيجابية عند الإختلاف مع الأخر على أساس من الإيمان بأن الإختلاف قوة والتباين مصدر ثراء يمكن إستثماره ويصل بنا الى ضرورة مواجهة هذا الاختلاف وتجاوزه بطريفة متحضرة.
ليت الجميع يدرك ذلك ويتقبله بداية التحضر أن نحترم أراء الأخرين ورؤاهم حتى لو اختلفت معنا، أنا لا أصادر على رأيك بل أستمع لك بكل إحترام وأنت مطالب بإحترام رأى ولا أجبرك على تقبله، الجميع يردد ” رأى صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب” وقليل من يطبقها بالفعل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.