د.محمود خليفه يكتب | إخفاق ثلاثي و تأهل تاريخي

0

في العشرين من نوفمبر الماضي بدأت فعاليات بطولة كأس العالم في نسختها السابعة و العشرين و للمرة الأولي في الوطن العربي أو الشرق الأوسط فعلي علي أرض دوحة العرب في قطر الشقيقة خاضت أربعة منتخبات عربية غِمار المشاركة في المونديال وسط أجواء تاريخية و فرصة ذهبية لن تتكرر في المستقبل القريب بإحتضان العرب لذلك الحدث الذي يستقطب أنظار العالم أجمع سواء من كان شغوف بالساحرة المستديرة أم لا فكأس العالم حدث فريد من نوعه أكبر من كونه ظاهره رياضية .
المنتخب القطري مُستضيف البطولة قص شريط الإفتتاح في مجموعة متوازنة بصحبة الإكوادور ، السنغال و هولندا فعلي الرغم من الإستعداد المكثف الذي دام قرابة عقد من الزمان للمشاركة التاريخية التي تُعد الأولي من نوعها في تاريخ قطر إلا أن العنابي بدأ بظهور شاحب اللون في البداية أمام الإكوادور التي اكتفت بهدفين في شباك صاحب الأرض بأقل مجهود ثم لم يتحسن الأمر كثيراً في المباراة الثانية لتودع قطر البطولة رسمياً بعد تجرعها الهزيمة الثانية علي التوالي أمام السنغال لتصبح بذلك أسرع دولة منظمة تُغادر المسابقة من الدور الأول في تاريخ البطولة و لم يختلف الحال كثيراً في مباراة الختام أمام الطواحين الهولندية بالخسارة بثنائية نظيفة في إخفاق تاريخي لقطر يطرح العديد من علامات الإستفهام حول مستوي بطل أسيا الهزيل لتتبخر معه أولي الآمال العربية في التأهل إلي الدور التالي ،
” ميسي وينه .. كسرنا عينه ” عبارة تاريخية دوي صداها أجناب الدوحة في الثاني و العشرين من نوفمبر حيث أطلقتها الجماهير السعودية عقب إنتصار تاريخي علي الأرجنتين بقيادة الأسطورة ليونيل ميسي لكن تلك العبارة كانت بمثابة عنوان للمبالغة الشديدة في الفرح التي طغت علي الوسط الرياضي العربي في ذلك التوقيت فعمت النشوة و الثقة الزائدة فكانت الخسارة أمام رفاق ليفاندوفيسكي في مباراة فقدت فيها السعودية أهم ما كان يُميزها في مباراته الأولي و هو العامل الذهني فغاب التركيز في اللمسة الأخيرة و إنهار الخط الخلفي للفريق ثم زاد الحال سوءاً بعد ما مُنيِ المنتخب الأخضر بعدد من الإصابات و الإيقافات أدت إلي عشوائية أمام المكسيك فكانت الخسارة الثانية لتقبع السعودية في مؤخرة المجموعة الثالثة فصار النصر علي الأرجنتين مُجرد ذكري تاريخية لا تُغني ولا تثمن من جوع ليفقد العرب فارسه الأسيوي و يودعه خارج أسوار الدوحة .
أربعة نقاط من أصل ست ممكنة منها ثلاث منها ام اقتناصها من فم الديك الفرنسي حامل للقب بالإضافة إلي آخري ثمينة من رفاق إريكسون .. لم يتخيل أكثر المتفائلين في الشارع الرياضي التونسي بقدرة نسور قرطاج علي حصد تلك النقاط من عمالقة أوروبا و مع ذلك لم تشفع تلك النقاط الأربع في عبور تونس التاريخي للدور التالي لتسجل الإخفاق السادس في المونديال فبعد أداء رجولي أمام الدنمارك كُلل بنقطة بني عليها التوانسة الكل حلم الصعود كانت الصدمة بالإخفاق الغير مبرر و الذي لا يُغتفر لكتيبة الناخب الوطني جلال القدري أمام الكانجارو الأسترالي في المباراة الأسهل علي الورق لتونس و التي إكتفت بفوز تاريخي علي فرنسا في ختام مشاركتها لكنه غير شافع لعبور الدور التالي لتحذم تونس أمتعتها و ترافق السعودية في نفس اليوم خارج أسوار مطار حمد الدولي بالعاصمة القطرية الدوحة تاركة أسود الأطلس حاملين راية العرب وحدهم في مونديال ساحل الخليج العربي .
“منبت الأحرار .. مشرق للآنوار ” أبت أسود الأطلس بأن تُعزَف تلك الأنشودة الوطنية لسبع مباريات كاملة حتي نهاية فعاليات كأس العالم فالنشيد الوطني للمملكة المغربية مستمر معنا حتي الرمق الأخير فبعد إقصاء رفاق اللاعب التاريخي كريستيانو رونالدو سَطرت كتيبة الناخب الوطني وليد الركراكي تاريخاً جديداً ناصعاً البياض و بأحرف من نورٍ في سماء الدوحة ، المغرب بات أول منتخب عربي و إفريقي يُكمل أضلاع مربع الذهب .
بدأت المغرب البطولة في مجموعة أشبه بمجموعة الموت باللعب مع كرواتيا وصيفة النسخة الماضية و نجحت بإقتناص نقطة ثمينة بفرض التعادل السلبي عليها ثم كانت المفاجأة بالفوز علي بلجيكا المصنف الثاني عالمياً و الذي يضج بكتيبة من ألمع نجوم اللعبة بهدفين نظيفين و من بعدها الإنتصار علي كندا لتعتلي المغرب صدارة المجموعة حتي صارت بريق الأمل و شعاع نور العرب عقب إخفاق ثلاثي سعودي تونسي قطري في تخطي الدور التالي ، بينما في المجموعة الخامسة حقق الكمبيوتر الياباني أمر أشبه بالمعجزة بالتغلب علي الماكينات الالمانية و الماتادور الاسباني بنتيجة واحده بهدفين لهدف فتأهل في الصدارة تاركاً المغرب في صِطدام قوي مع الجارة الشمالية إسبانيا في دربي قوي يحمل أكثر من معني ،
نجحت المغرب في عبور مضيق جبل طارق و الإنتصار علي الإسبان بركلات الترجيح دون أن تهتز شباك الحارس العملاق ياسين بونو في ركلة واحدة لتكتب موعداً آخر مع المجد لمواجهة الضلع الآخر في شبه الجزيرة الإيبيرية و هو المنتخب البرتغالي في ثمن نهائي كأس العالم فيفا قطر ٢٠٢٢ .
العاشر من ديسمبر من العام الحالي تاريخ لن ينساه المغاربة بل العرب و الأفارقة علي وجه العموم حيث إستطاع يوسف النصيري الإرتقاء عالياً ليسدد كرة رأسية تخطت طنجة إلي لشبونة قاطعاً معاها البطاقة الإفريقية الأولي في مربع الذهب عقب ٩٢ عاماً من الإخفاق ، ليُردد معاها العالم بأنه حان وقت إفريقيا.. فلنصدق بأن إفريقيا في مربع الذهب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.