نور الشيخ يكتب | المشاعر الرقمية

0 291

ترقيم المشاعر هو أحد أهم أهداف وسائل التواصل الاجتماعى شئنا أم أبينا، أدركنا أم لم ندرك فقد رقمت مشاعرنا ببعض الصور التى تعبر عن رأيك أو انجذابك أو كراهيتك وفى مواقع أخرى هو تعبير واحد لكل المشاعر.
كان يجب التوقف عند علمنا بأن جوجل وفيسبوك وتويتر والآخرون يستعينون بخبراء علم السلوك والأخلاق وعلماء النفس والإجتماع فى تطوير أزرار التحكم ثم الاستعانة بخبراء المجال الرقمى والتكنولوجى لتطبيق هذه العلوم، أليس هذا بمخيف يا عزيزى.
كان يجب التوقف عند حد عدم تحكمك فى إصبعك أثناء تمريره على الشاشة لسحب الصفحة إلى أعلى أو التوقف عن توزيع المشاعر الرقمية مجاملة لأصحابك أو تعبيرا عن بعض ما يقال، كان يجب التوقف عند لحظة احتياجك للتعبير عن مشاعر معينة ولم تجد سوى قائمة محدودة من الاختيارات، تعبر عما يريده صاحب التطبيق، وهو مرحلة مابعد ترقيم المشاعر وهى مرحلة توحيد المشاعر.
وتوحيد المشاعر هى مرحلة المسخ وسلب المشاعر تمام، كم مرة أثناء تصفحك على برنامج الانستجرام رغبت فى إعطاء مشاعر سخط أو بمجرد إعجاب وليس لدرجة القلب الأحمر وفشلت، كم مرة أدركت أن كل المشاعر فى الانستجرام لا تحتوى الا على تعبير واحد وهو القلب الأحمر فقط، هل هم غير مدركين رغبتك فى تعديل هذا التعبير الاجبارى، يدركون تماما ولكن إرضاءك ليس هو الهدف يا عزيزى ، توجيهك هو الهدف.
وفى إفصاح واعترافات تريستان هاريس المسئول عن تكنولوجيا الإقناع فى جوجل سابقا ثم فيسبوك دلالة دامغة على تلك الفرضيات، وكيف عمل مع فريق من خمسين باحثا على زيادة معدل ارتباط الانسان بوسائل التواصل الاجتماعى، وكيف يتم إغراق المجتمعات فى فوضى بالمزيد من الالهاء ليصبح المجتمع غيرقادر على محاولة معالجة نفسه .
(اى تكنولوجيا متقدمة بما فيه الكفاية لا يمكن تمييزها عن السحر…ارثر سى كلارك)
كان تخصص تريستان العلمى ووظيفته بجوجل هى مؤسس لمركز جوجل لأخلاقيات التصميم للتكنولوجيا البشرية وهنا لا يقصد بالأخلاقيات هو كيفية جعل المنصة أكثر أخلاقيةولا كيف تعم وتغمر الاخلاق المجتمع بل يقصد بها كيفية التحكم فى الأخلاق للوصول لهدف غير معلن.
أصبحنا فى زمن توجيه المشاعر حتى و فى إقناعهم لك أنك حر… هو يتحكم بمشاعرك حتى تومئ برأسك لتوافق ولكن فى حقيقة الأمر يوجد من يوجهك لإتخاذ القرار، القرار الذى يرغب هو فيه وليس أنت ولكن اطمئن سيحدث أنه قرارك وأنك اتخذته بحرية …….اطمئن.
حتى فى فيديوهات الطبخ والارشاد الغذائى ترى البلوجر أو الطاهى وهو يداعب حواسك ببعض كلمات الغزل حول ما قام هو بطهيه وتذوقه ويداعب حواسك وإسالة لعابك ببعض مشاهد الغزل العفيف مع هذا الطبق الذى تأكله أنت من عشرات السنين بشكل دائم ، ولكنه يرغب فى أن تشاهده هو وأن تستمتع بما يقدمه هو وأن تذهب إلى مطعمه هو، إنه التوجيه يا عزيزى عن طريق ترقيم المشاعر.
أنت لست حرا يا عزيزى، وليس هناك من يملى عليك تصرف ولكن هناك مؤثرات توجه مشاعرك وغرائزك لإتجاه معين، فلم تعد الموضة فى الملابس فقط، فالتريند هو موضة المشاعر، فتصحو غدا لتجد أن التريند حزن على مقتل شخص بشكل بشع أو تفرح بسبب فرح أسطورى أو أن يكون هناك جدال محتد فى موضوع لا يهمك من الأساس ولكنك ستدلى برأيك، لأن التريند يوجه مشاعرك ولن تقوى أو تقدر على مخالفة مشاعر الجموع ولا تقدر على التفرد أنت لست صاحب السلطان على ذاتك.
يجب أن تدرك جيدا الحقائق فلا نجاة إلا بالإدراك….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.