د.مصطفى ابوزيد يكتب | التعويم أم ترتيب البيت؟

0

لا حديث يعلو فوق صوت الازمة الاقتصادية الحالية وما لها من تأثيرات مباشرة على جوهر السياسة الاقتصادية فى مصر حيث بات الحديث عن التهكن بتنفيذ البنك المركزى المصرى لتعويم جديد للجنيه المصرى أمام الدولار على خلفية ارتفاع معدلات التضخم خلال الشهور الماضية ونقص فى السيولة الدولارية وحتى يمكن اتخاذ قرار التعويم لابد من توافر شروط معينة:

أولًا: توافر احتياطى نقدى لدى البنك المركزى لدعم العملة الوطنية وقت حدوث الصدمة الاولى لقرار التعويم الى جانب تلبية احتياجات مستلزمات الانتاج

ثانيًا: وجود هيكل اقتصاد متنوع قائم على المشروعات الانتاجية عبر وجود صناعات محددة نسبة التصنيع المحلى بها نسبة معتبرة

ثالثًا: عدم وجود اقتصاد غير رسمى او على الاقل يمثل نسبة قليلة (لمعرفة حجم الانتاج الحقيقى لتلك الانشطة الاقتصادية وتأثير مساهمتها على الناتح المحلى الاجمالى +تحصيل الايرادات الضريبية المستحقة عليها)

رابعًا: توافر مظلة الحماية الاجتماعية الفعالة التى تساعد على تخفيف وطأة الاثار التضخمية لقرار التعويم

خامسًا: وجود مصادر دولارية متنوعة أخاذه فى النمو ويؤخذ فى الاعتبار المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية محتملة التأثير على انسيابية تلك التدفقات الدولارية

سادسًا: النظرة الاقتصادية للمؤسسات الدولية التى يمكن من خلالها تعزيز ثقة المستثمرين فى الاستثمار الاجنبى المباشر وغير المباشر من عدمه (ستاندرد اند بورز-موديز-فيتش-مؤشر جى بى مورجان)

إذا طبقنا تلك الشروط على واقع الاقتصاد المصرى سنجد أننا نحتاج الآتي:

أولًا: تأمين احتياطى نقدى لدى البنك المركزى يقوم بالدفاع عن العملة الوطنية فى التوقيت المناسب فى عملية التعويم وتأمين احتياجات المنتجين والمصنعين وهذا يحتاج الى عدة أجراءات تطبق بالتوازى دون الاخرى

القضاء على السوق الموازية للمعاملات الدولارية حيث باتت كل سلعة مقومة بسعر صرف مختلف الدولار ذاته تحول الى سلعة عبر تشديد الرقابة والمتابعة وذلك يحتاج الى زيادة القوة العددية لمفتشى التموين ومفتشى جهاز حماية المستهلك حتى يستطيع الانتشار الفعال فى ارجاء الجمهورية وليس فقط الاعتماد على وسائل الابلاغ عن المخالفات عبر الصفحات الرسمية او الخطوط الساخنة الى جانب مجابهة التضخم مرتبط بتطبيق النقطة السابقة لان ارتفاع الاسعار غير المبررة يساهم بشكل مباشر فى ارتفاع معدل التضخم الذى يمثل عبء ضخم على صانعى السياسات النقدية والمالية حيث يؤدى الى استخدام أداة رفع الفائدة أو طرح اوعية ادخارية لامتصاص السيولة فى محاولة للسيطرة على التضخم والاتجاه به لمسار نزولى لنطاق المستهدف من البنك المركزى فعند رفع الفائدة يساهم فى رفع تكلفة الاقتراض وبالتالى تراجع معدل الاستثمار الى جانب الضغط على الموازنة العامة للدولة حيث ان كل 1% زيادة فى اسعار الفائدة يمثل زيادة بقيمة 70 مليار جنيه فى مدفوعات فوائد الدين وفقا لتصريح وزير المالية

وضرورة المضى قدما فى تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لتحقيق المستهدفات التى تضمنتها وثيقة سياسة ملكية الدولة فى جذب الاستثمار الخاص المحلى والاجنبى عبر زيادة مشاركة القطاع الخاص بالاضافة الى الاسراع فى طرح الاستراتيجية الوطنية للصناعة المصرية لتحديد الوجهة الصناعية للاقتصاد المصرى محددة الاهداف الاستراتيجية واليات التنفيذ ومؤشرات القياس والمتابعة والتقييم والجهات المنوط بها تنفيذ تلك الاستراتيجية وتؤخذ فى الاعتبار إنتقاء صناعات محددة من قائمة 152 سلعة ومنتج يمكن البدء بها للقطاع الخاص التى يستطيع من خلالها تعميق التصنيع المحلى بها ويساهم فى تلبية احتياجات السوق المحلى بديلا عن الاستيراد والمساهمة ايضا فى زيادة حجم الصادرات السلعية المصرية كأحد الروافد المهمة فى التدفقات الدولارية للاقتصاد المصرى

ثانيًا: تقييم الاثر التطبيقى لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى جذب الاقتصاد غير الرسمى للاقتصاد الرسمى منذ أصدار اللائحة التنفيذية فى عام 2021 وحتى الان

ثالثًا: توافر مظلة حماية اجتماعية تعالج أثر التضخم الناتج عن التعويم وذلك مرتبط بقدرة واليات الدولة فى احكام السيطرة على الاسواق حتى لا يتأكل أثر تلك المخصصات الموجهة لحماية الطبقات الفقيرة

رابعًا: تقييم أثر تطبيق المرحلة الثانية من برنامج الاصلاح الهيكلى والذى من المفترض انتهاء تلك المرحلة فى ابريل 2024 للوقوف على نتائج تلك المرحلة التى تستهدف زيادة نسبة قطاعات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات فى الناتج المحلى الاجمالى فى تحقيقها لتلك المستهدفات أو لتحليل التحديات التى أحالت دون تحقيق ذلك

خامسًا: الاستمرار بشكل مكثف فى عرض الفرص الاستثمارية والحوافز التى اقرتها الدولة المصرية خاصة قرارات المجلس الاعلى الاستثمار والتوسع فى اصدار الرخصة الذهبية للمشروعات للمساهمة فى زيادة حجم التدفقات الاستثمارية للاقتصاد المصرى للمساهمة فى زيادة حجم الاستثمار الاجنبى المباشر وغير المباشر و لتغيير النظرة الاقتصادية للمؤسسات الدولية بعد إعادة النظر فى درجة المخاطر الائتمانية للاقتصاد المصرى والذى من المحتمل أن يسبب عائق أمام الدولة المصرية فى الوصول لسوق السندات الدولية فى الاستثمار فى أدوات الدين المصرية أو يزيد من تكلفة الفائدة على تلك السندات المطروحة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.