رائد الحواري يكتب | مذكرات تشرشل

0

كتاب صادر عن مجملة الدنيا، دمشق، عام 1953، ويضم خمسة مواضيع، مقتبسات من مذكرات تشرشل، قصة “وراء الجسد، وشخصية كمال أتاتورك، وأسمهان، وموضوع فكري “الفوز أو الموت” بمعنى أنه قبل ما يقارب سبعة عقود كان هناك اهتمام (بتلخيص) الكتب وتقديمها بصورة بسيطة وسهلة للقارئ، ورغم أن مذكرات تشرشل خمسة مجلدات إلا أن الكاتب استطاع أن يحفو القارئ على التعرف عليه أكثر من خلال السعي للحصول عليها وقراءتها، وهذا احدى مزايا الكتاب.
سنحاول التوقف قليلا عند الكاتب وذلك لوجود معلومات مهمة وذات قيمة، بما أن المذكرات تتحدث بصورة مفصلة عن الحرب العالمية الثانية، فقد تناول تشرشل نوعين من القادة: “أحدهما من النوع “نحن” وهو نوع القائد المتواضع الذي يعتمد على مساعديه وأعوانه مثل ايزنهاور والكسندر وبرادلي، والنوع الثاني هو من نوع “أنا” وهو نوع القائد الذي يمسك بزمام الأمور كلها بقضة من حديد ويدير كل شيء بنفسه أمثال ماك آرثر ومونتغمري وباتون” ص23.
وأما عن تحالفات بريطانيا مع الأخرين، فيقول عن الحركة الصهيونية وإمارة شرق الأردن ودورهما في الحرب: “وقد قدمت الوكالة اليهودية خير مساعدة لنا لأنها كانت تعلم أن اندفاع رومل خطوة واحدة بعد العلمين معناه ذبح اليهود في فلسطين جميعا، ولذلك فقد بادرت الوكالة اليهودية إلى تقديم قوة حسنة من الرجال وقامت بتنظيم الإنتاج الحربي في فلسطين، وكذلك القوات الأردنية فأنها في الواقع قدمت لنا مساعدة كبيرة وقام رجالها بالمساهمة معنا في حفظ الأمن في الشرق الأوسط” ص32.
وعن أخطاء هتلر العسكرية يقول: “…فقد أمر هتلر بصنع 30 ألف قنبلة طائرة وصاروخ وقرر المباشرة بقذفها في 20 تشرين الأول، وهذه القرارات تدل على سوء تفكير هتلر فقد علمنا أن صنع الصاروخ من طراز (ف2) يكلف مقدار صنع ست طائرات، ومعنى هذا أن هتلر كان يستطيع أن يصنع 180 ألف طائرة في خلال أربعة أشهر ويغو بها العالم كله” ص50.
أما عن ستالين ومواقفه من تقسيم العالم، فقد وضع مصلحة روسيا فوق مصالح الغرب عندما قال لقادة التحالف: “يجب أن توافقوا معي على أن تكون بولندا صديقة وحليفة لروسيا وأن لا نسمح لحكومتها بأن تكون لعبة ضدنا” ص61.
اعقد أن هذه المقتبسات مهمة للقارئ لمعرفة ما جرى في الحرب العالمية الثانية.
الموضوع الثاني الذي تناوله الكتاب جاء تحت مسمى “قصة الشهر” وهي قصة أدبية تتحدث عن الصراع ما بين الانصياع للرغبة الجسدية والعاطفة، يتم لقاء بين “لين” وحبيبها الذي وجدها تختلف عن بقية النساء اللواتي عرفهن، فيقرر عدم إقامة علاقة جنسية معها رغم جمالها الأخاذ، ويبدأ بالملامسات والقبل ـ القصة تقدم التقارب بصورة مثيرة وشيقة ـ إلا أن “هربرت” يرفض أن يكمل العملة، رغم طلب “لين” أن يبقى بجانبها ويعطيها حاجتها الجنسية.
واللافت في القصة أن المترجم نقلها بصورة أدبية جميلة، كما هو الحال في هذا المشهد: ” وامتدت يد “هربرت” تتلمس هذا الجسد الناعم، الرخص، ثم انحنى فوقها كما ينحني الراهب في محرابه وراح يتأمل مفاتنها” ص74، فالقصة تحدثت عن أوضاع (الشهوة) بينهما، وأيضا قدمت بلغة وأدبية تأخذ القارئ إلى المتعة الجمالية، وهذا ينسجم مع الطرح/الفكرة التي تحملها القصة، الصراع بين (الغريزة والعاطفة) الحب والجنس.
أما الملف الثالث فجاء تحت عنوان “شخصية الشهر” حيث تناول الكتاب “مصطفى كمال أتاتورك، فبدأت منذ كان طفلا وكيف انتقل إلى المدرسة العسكرية وترقى إلى أن استلم الحكم في تركيا بعد أن رأى السلطان مجرد أدة بيد الإنجليز والفرنسيين، فقرر أن يضع تركيا في مكانها الصحيح، من خلال تخلصها من السلطان اللعبة، وفعلا استطاع ـ رغن ضعف الإمكانيات ـ أن يصل إلى السلطة وأن يؤسس الجمهورية التركية الحديثة.
أما المحور الرابع فجاء تحت بند “فنانون خالدون” يتحدث فيها عن أسمهان” وكيف أنها استطاعت أن تصل إلى القمة رغم أنها لم تمر طويلا.
والمحور الخامس كان “فن الحياة” ويتحدث عن لنظرة الإيجابية في الإنسان من خلال أخذ نموذج “أديسون” الذي أنفق خمسة وعشرين ألف دولار قبل أن ينجح في اخترع المصباح الكهربائي.
من هنا نجد مواضع الكتاب متعددة ومتنوعة، وهذا ما جعل الأديب/القارئ في القرن الماضي يمتلك المعرفة في اكثر من مجال، مما جعل السياسي يعرف الأدب وأهميته، والأديب مطلع وملم بالأحداث والمعرفة سياسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.