رائد مقدم يكتب | الحوار الوطني والهوية
نحن على أعتاب الحوار الوطني الذي دعا إلية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأهم ما يشغل بالي ويسترعي انتباهي هو ما آل إلية نمط حياتنا وماهي خطوط البداية والنهاية، وما هو الباعث والمُقيد لتصرفاتنا، وهناك فصائل في هذا الوطن للأسف تعلن انتماءها لتلك الهوية أو تلك الثقافة أو تلك الديانة أو حتى الايديولوجيا السياسية.
كيف تغير المصريون وتغيرت طباعهم؟ فكل فصيل اختار هوية ينتمي إليها ويدافع عنها ويتهم من يختلفون معه بالخيانة والعمالة وأحيانا بالكفر.
نجد من يردد ويفتخر بأنه ينتمي إلى الثقافة الإسلامية ومن يتهمه بالطائفية وأيضا نجد من يغالي ويبالغ في انتمائه للثقافة القبطية ويزايد على من يختلف معه في التسامح والاخلاق ونجد أيضًا من يكفره ونجد من يتغزل في الثقافة الغربية وأيضًا من يتمني ويحلم بالجنسية الأمريكية. ومن يرفع راية الناصرية فوق رءوس الجميع ويتهم غيرة بأنه أقل وطنية وغيرة ويدعي أنه من أبناء مبارك وغيرهم إخوان وسلفيين وقوميين .والجميع اتفقوا علي شيء واحد وهو تخوين الآخر؛ للأسف هذا، وقد يزيد علية هو واقعنا البائس.
لأنني أنتمي الي جيل قديم نسبيا فلم تعتد أذني علي سماع تلك التصنيفات بل علي العكس كنا نفتخر ونتباهى بمصريتنا وثقافتنا وهويتنا بكل ما تحمله من تنوع حضاري وتراكم ثقافي منذ بدء التاريخ؛ الثقافة الفرعونية والقبطية والاسلامية وكل تلك الفترات التي مرت علي بلدنا بثقافاتها التي انصهرت لتشكل هويتنا المصرية هويتنا المصرية السمحة المعتدلة الودودة المفعمة بالنخوة والرجولة والمحبة واحترام الاخر وتقديس جميع الاديان واحترام الشعائر والترفُع فوق الصغائر والتباهي بالسيرة الحسنة والتفاخر بالتربية الحميدة وتعظيم قيمة العمل واحترام الكبير واحتواء الضعيف ونصرة الحق، ونبذ العنف والتفرقة والطائفية، أين ذهب كل ذلك؟ كيف أصبحنا كذلك؟
لقد جُرفت الهوية المصرية. مثلما جُرفت أراضيها، لقد سُرقت أخلاقنا مثلما سُرقت آثارنا من الفاعل ومن المفعول به إلى أين نحن ذاهبون؟ أنها المعركة الأهم بل هي أم المعارك معركة استرداد الهوية الوطنية، واستعادة الشخصية المصرية. معركة القرن التي يجب أن نكون كلنا جنودا في جيشها جيش مصر غير المسلح الاغلبية المعتدلة المتصالحة مع نفسها التي بيدها التغيير إذا أرادت، والتي تستطيع التأثير إذا تخلت عن سلبيتها يجب علينا الوقوف بجانب كل ما ينتمي إلى هويتنا واظهاره وتكريمه وتسليط الضوء علية سواء في السياسة او الاقتصاد أو الفن أو حتي في المعاملات اليومية ، وتسليط الاعلام علي كل ما يناسب ثقافتنا المصرية المعتدلة السمحة وليس العكس، هذا هو ما يستلزم حشد الطاقات، هذا ما يستوجب استنفار المؤسسات.
إنها أوطاننا، مستقبل اولادنا، لن يعيش فيها أحد دون الآخر ولن يستمتع بها أحد دون الآخر، فمصيرنا واحد وبلدنا واحد، والله المستعان ، وحفظ الله مصر.