راجية الفقي تكتب | الاقتصاد الدائري والبنية الرقمية

0

مما لا شك فيه إن جائحة كورونا كان لها بالغ الأثر على جميع القطاعات، بعض هذه الآثار قد تم اكتشافها والتعامل معها والكثير لم يتم رصدها حتى الان. ولكن الشيء الاساسي والملحوظ أن هذه الجائحةغيرت الكثير والكثير من الاستراتيجيات والممارسات وظهور بعض المفاهيم واختفاء البعض والتسريع ببعض السياسات التي أدرك العالم مدى أهميتها في أثناء تصديه لتلك الجائحه.

وعلى الرغم من وجود توجه عالمي نحو التحوا الرقمي ولكن أصبح التحرك نحو هذا التوجه أسرع وبات أساسيا. ومع تعرض العالم بأسره إلى التغيرات المناخية وما يتبعها من حاجه ماسه إلى تضمين الإستدامة في كافة سبل الحياة، أصبح أيضا هناك توجه عالمي نحو الاقتصاد الدائري وهو أيضا ليس مفهوم جديد فبداية الحديث عن الاقتصاد الدائري كان في ستينيات هذا القرن وبالفعل هو مطبق في العديد من الدول منذ سنوات. حيث يعتمد هذا الاقتصاد على الاستخراج والتصنيع والاستخدام ثم إعادة الاستخدام مرة اخرى عن طريق التدوير بخلاف الاقتصاد التقليدي الذي ينتهى بالاستخدام ثم التخلص من المخلفات.
للإقتصاد الدائري ركائز اساسية أربعه يعتمد عليها هي: إعادة تصميم سلاسل التوريد والإمداد، التطويرالتكنولوجي والإبتكار، التغير في سلوك المستهلكين، والتغير في السياسات المتبعة.
يعتمد الاقتصاد الدائري بشكل مباشر على التقنيات التكنولوجيه الحديثة في جميع المراحل بداية من وجود وتوفير اجهزة الاستشعار الحرارى والمسح بالأشعه تحت الحمراء والمسح الضوئي بالليزر ثلاثي الأبعاد وخفض الكربون وتوفير الطاقة. وتسهم عمليات تحليل البيانات الضخمة في مساعدة متخذي القرار داخل المؤسسات والشركات والحكومات على اختيار البدائل والموردين المناسبين كما تلعب الحوسبة السحابية دورا هاما في تيسير العلاقات بين الموردين. أيضا وجود بنية تحتية رقمية توفر اتصالا جيدا بالانترنت ينهكس على تعزيز وتسهيل اللوجستيات وعمليات التنقل من خلال التشغيل الآلي، فضلا على أن الذكاء الاصطناعي له بالغ الآثر على عمليات الإنتاج وإعداد نماذج أعمال تنبؤية عن طريق تحليل البيانات وتطبيقات Block Chain التي تدعم الإبتكار وهنا تتحقق أهمية التكنولوجيا الرقمية في الحفاظ على البيئة وتحقيق الإستدامة.
هناك العديد من الشركات العالمية خطت خطوات كبيرة نحو الاقتصاد الدائري ومنها شركة نستلة وضعت سياسات لتقليل استخدام البلاستيك الخام عن طريق إعادة استخدان العبوات البلاستيكية وكذلك شركة رينو الفرنسية التي أقامت أول مصنع اقتصادى دائري من خلال إعادة تجديد سياراتها القديمة وطرحها مرة اخرى بالأسواق بقيمة أرخص بنسبة 30%.
وبالنسبة للحكومات، فتعد هولندا وفنلندا والمانيا والصين من بين الدول التي تدعم الاقتصاد الدائري حيث أطلقت هولندا برنامج حكومى يهدف إلى تحقيق اقتصاد دائري كامل بحلول عام 2050 وأنشات صندوقا خاصا لدعم المشروعات المعتمدة على الاقتصاد الدائري في مجال الزراعة، كما وضعت المانيا سياسات حكومية لجعل اقتصادها أكثر دائريا بتقديم منح لتصميم منتجات ذات أثر بيئي أقل مثل: جعل جميع أنواع البلاستيك قابل للإستخدام.
أعدت المفوضية الأوروبية خطة غمل لتحقيق الاقتصاد الدائري في مجالات الصناعات البلاستيكية. وتأتي الصين وهي من أكبر الاقتصاديات في العالم لتضع التحول نحو الاقتصاد الدائري في الخطة الخمسية للدولة.
كما وضعت فنلندا عام 2016 خارطة طريق نحو التحول الاقتصادي وأنشأت صندوقا خاصا بالابتكار لتقديم حوافز اقتصادية نحو استخدام المواد المعاد تدويرها. يعد الاقتصاد الدائري فرصة حقيقية للتعافي خاصة بعد جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية التي يواجهها العالم بأكمله حيث أنه يوفر حوالى 6 ملايين فرصة عمل جديدة ويقدر سوق الاقتصاد الدائرى بحوالي 4.5 تريليون دولار عام 2023 .إن الاقتصاد الدائري تجاوز مفهوم أخذ الموارد الطبيعية الخام وتحويلها الى منتجات يتم التخلص منها بات يتعامل مع دورات الانتاج ودورات النظم البيئة الطبيعية وفرص جديدة لإعادة التفكير وإعادة تصميم الطريقة التي تصنع بها المصانع السلع النهائية وذلك من خلال تصميم منتجات لها خاصية إمكانية إعادة تصنيعها مرة اخرى مما يساهم بقدر كبير في تقليل المخلفات والنفايات التي يعاني منها العالم ويواجهه مشكلة التخلص منها وهي سبب رئيسي في التغيرات المناخية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.